احتضنت أول أمس، دار الثقافة محمد بوضياف ببرج بوعريريج فعاليات اليوم الدراسي حول مكافحة جرائم الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط والثانوي، والمنظم من قبل مجلس قضاء برج بوعريريج والذي أشرف عليه كل من السيدين رئيس مجلس القضاء والنائب العام، وذلك بهدف الوقوف وشرح آليات مكافحة جرائم الغش في هذين الامتحانين بحضور السلطات المحلية مدنية، عسكرية وإطارات قطاع التربية ومؤطري مراكز الامتحانات عبر الولاية، إلى جانب أسرة القضاء من مختلف محاكم التابعة للمجلس. وخلال كلمة الافتتاح، ذكر رئيس المجلس بأهمية اليوم لحماية الطلبة من خطأ الانسياق وراء ظاهرة الغش التي استفحلت خلال السنوات الأخيرة، واتخذت منعرجا خطيرا يؤثر على نزاهة الامتحانات والمسابقات، ويشوه صورة المنظومة التربوية، ما استوجب تدخل المشرع. من جهته، النائب العام لدى مجلس القضاء اعتبر أن الامتحانات النهائية للطورين تكتسي أهمية بالغة سواء بالنسبة للتلاميذ وأوليائهم أو بالنسبة للمنظومة التربوية الوطنية ككل باعتبارها أحد أساليب التقييم الضرورية المحددة للمصير والمستقبل الدراسي العلمي والمهني وأن ما يرتكب بمناسبتها من وقائع مخالفة للقانون يترتب عنه مساس بمصداقيةالامتحانات ومستقبل الممتحنين على حد السواء. مشيرا أن ظاهرة الغش استفحلت في السنوات الأخيرة واتخذت صورا متعددة خاصة في ظل التطور التكنولوجي ليتحول من مجرد سلوك فردي يرفضه الدين والأخلاق إلى ظاهرة اجتماعية يمقتها المجتمع، باعتباره نوع من أنواع الخيانة وتزييف الحقائق وسلوك بغيض ومنبوذ حرمته القوانين والشرائع، وأضاف أنه وأمام عدم فعالية العقوبات الإدارية والتأديبية المقررة لمجابهة هذه الظاهرة تدخل المشرع الجزائري بتجريم بعض الصور من تلك الإختلالات الماسة بنزاهة الامتحانات ووضع عقوبات رادعة لمجابهتها بموجب القانون رقم 06/20 المؤرخ في 28 أفريل 2020 المعدل والمتمم للأمر 156/66 المتضمن قانون العقوبات، بحيث أدرج التجريم في الفصل التاسع تحت عنوان "المساس بنزاهة الامتحانات والمسابقات"، والذي يضم سبع مواد ابتداء من المادة 253 مكرر 6 إلى 253 مكرر 12، تطرق من خلالها إلى مختلف أنواع وصور الغش المجرمة ومسؤولية مرتكبيها. كما شدد من حيث العقوبات المقررة لتصل في بعض صورها إلى 15 سنة إذا ترتب عن الغش إلغاء الامتحان أو المسابقة كليا أو جزئيا فضلا عن إمكانية متابعة ومعاقبة الأشخاص، وذكر بأن تطور الأمم والدول مرتبط بجودة التعليم وضمان تكافؤ الفرص وتحقيق المنافسة لما له من دور في تأهيل الفرد علميا للوصول إلى النجاح واعتلاء المناصب والوظائف التي تستلزم تحصيلا علميا مميزا مما يستوجب محاربة الظاهرة بتخصيص معالجة قضائية صارمة خلال كافة مراحل الدعوى العمومية وضمان الاستجابة السريعة والفورية للبلاغات والإخطارات الواردة بشأن هذه الوقائع بالتنسيق مع الجهات المعنية من ضبطية قضائية والهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها، وأيضا المصالح التابعة لوزارة التربية الوطنية. مشيرا أنه تم تنصيب خلية يقظة ومتابعة على مستوى النيابة العامة لدى المجلس القضائي بتاريخ 16 ماي 2024 لاتخاذ التدابير والإجراءات الاستباقية لمتابعة السير الحسن لهذه الامتحانات، وكشف أن خلال السنة الدراسية المنصرمة 2022/2023 تم معالجة أربعة قضايا غش في امتحان شهادة البكالوريا على مستوى المجلس والمحاكم التابعة له، تم على إثرها إدانة ثمانية متهمين وتبرئة متهم واحد وتم معالجة قضية واحدة بالنسبة لامتحان شهادة التعليم المتوسط، حيث تم إدانة متهم وتبرئة متهم آخ. أكد في الأخير بأن نزاهة الامتحانات ليس فقط مسؤولية الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، وإنما هي مسؤولية الجميع من مجتمع مدني وأولياء ومعلمين وكل الأطراف الفاعلة للعمل التحسيسي والتوعوي للممتحنين وتذكيرهم بخطورة هذه الظاهرة.