دخلت الفتنة السورية مرحلة جديدة حاسمة في مسارها السياسي والمسلح منذ يوم الأربعاء الماضي بالعملية العسكرية التي قام بها المنشقون عن الجيش الرسمي وأودت بحياة وزيري الدفاع والداخلية والرجل القوي في النظام آصف شوكت صهر الرئيس بشار الأسد وآخرين فأحدث خللا في ملف التسوية السياسية للعملية ، خاصة مع انتقال المعارك والمواجهات إلى العاصمة دمشق وهو ما يعني أن قيادات النظام سوف تغير من تكتكاتها الحربية.. فوصول المواجهات إلى العاصمة يعني بشكل أو بآخر أن ما يسمى بالثورة قد أشرفت على مراحلها الأخيرة وربما نهايتها بعد هذه الدماء التي سالت وديانا دون رحمة بين الجانبين بتغذية من أطراف خارجية عربية وغربية .. ! وإن كان الأسد الأب قد خمد انتفاضة مدينة حماه عام 1982م التي أشعلها متشددو حركة الإخوان المسلمين ووجد التنظيم كله نفسه مضطرا للدفاع عن وجوده، فإن الأسد الابن هو اليوم في نفس الوضعية ، ومن أجل القضاء فتنة أشعلها شباب سوريا من جيله والجيل الذي يليه بعد أن يئسوا من إمكانية قيامه بخطوات جادة للانفتاح السياسي وتحرير الاقتصاد وتحجيم الفساد المستشري في كل أجهزة الدولة لكن شيئا من ذلك لم يحدث في مفهومهم ومفهوم من دفعهم إلى هذه المواجهة التي سقط فيها أبناء الوطن الواحد دون أن ينالوا شيئا مذكورا ،اللهم إلا خرابا وأشلاء وتهجيرا للناس ،وقد يكون مستقبل سوريا أسوأ مما هي فيها وهي التي تجاور إسرائيل التي قد تنقض عليها بعد تصبح جثة هامة لا طاقة لها على مواجهة العدو الخارجي..؟ والغريب الآن أنه كلما أريق المزيد من الدماء ازداد اشتعال القتال في كامل الأراضي السورية، فلا النظام سقط ولا هم قبلوا بالتسوية السياسية دون تدخل للخارج.. ! إن من الحكمة أن تتوقف آلة الدمار التي طالت كل شيء ،ويعود كل لعقلة ويحكم ضميره وويراجع دينه ،وإلا ما سيأتي سيكون الكارثة الكبرى التي لا تبقى ولا تذر،وحينها لن ينفع ندم..؟ !