يعدُّ اللّواء آصف شوكت الذي قتل مع وزير الدفاع داوود راجحة أمس الأربعاء في التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي في وسط دمشق، والذي تزامن مع اجتماع لوزراء وقادة أمنيين في المبنى، من أهمّ الشخصيات القريبة من الرئيس بشّار الأسد والمقرّب من النّظام السوري إلى أبعد حد. ولد آصف شوكت عام 1950 في مدينة طرطوس على الساحل السوري، وهو شخص غامض، ويقال عن عائلته إنهم من (الرُّحل) وقد استوطنت في قرية (المدحلة) في محافظة طرطوس، وإن معظم أهالي هذه القرية من (الطائفة العلوية)، انتقل سنة 1968 إلى دمشق لمتابعة تعليمه العالي ودرس الحقوق، لكنه عاد للالتحاق بجامعة دمشق من جديد لدراسة التاريخ، ومن المفارقات أن أطروحته كانت على الثورة السورية الكبرى عام 1925 وزعمائها الريفيين فقط. تطوّع اللّواء في الكليّة الحربية أواخر سنة 1976 وتخرج ضابط "اختصاص مشاة" سنة 1979، والتحق بالوحدات الخاصّة وشارك في حوادث الصدام المسلح بين السلطة آنذاك والإخوان المسلمين، وكان يرأس سرية الاقتحام في الوحدات الخاصّة في حوادث حماة الشهيرة سنة 1982، وقد شاركت هذه السرية في اقتحام المنازل في حي (الحاضر) وقامت باعتقالات وتصفيات جسدية من أطفال وشيوخ ونساء. آصف شوكت متّهم بعمليات خارج سوريا أثناء خدمته في سرّية المداهمة، منها إصابة سفيري الأردن في الهند وإيطاليا بجروح بعد هجوم بالأسلحة النّارية عام 1983، وانفجار قنبلة خارج فندق عمان الدولي في مارس 1984، والعديد من محاولات الاغتيال لشخصيات أردنية وقتل شخصيات أخرى في تلك الفترة. حماية بشرى الأسد بعد سلسلة من العمليات التي نفّذها شوكت أظهر فيها إخلاصا للأسد نقله الرئيس حافظ الأسد إلى القصر الجمهوري (الحماية الأمنية- المُرافقة الخاصّة)، فأوكلت إلى آصف شوكت مهمة الحماية الأمنية الخاصة للدكتورة (بشرى حافظ الأسد). وفي منتصف الثمانينيات وانطلاقاً من طموحه وذكائه وبعد لقائه ببشرى الأسد (شقيقة الرئيس بشّار) وكانت تدرس الصيدلة في جامعة دمشق وأصغر منه بعشر سنوات، تحولت العلاقة معها إلى حب جارف من جانبها، دفعها لترك خطيبها الدكتور محسن بلال، وزير الإعلام السابق وذي السمعة العائلية المرموقة، رغم أن الخطبة كانت في مراحلها الأخيرة قبل الزواج. إذ وحسب ما رُوي وقتها فإن بشرى وخلال زيارتها إلى سويسرا لشراء مجوهرات الخطبة التقت مع صديقة سورية لها مقيمة في سويسرا وأخبرتها عن الدكتور محسن بلال إنه زير النّساء، ما دعاها للعودة في نفس اليوم بالطائرة التي أتت بها من دمشق وفسخ الخطوبة، متجاهلة علاقة أبيها بخطيبها القوية والوثيقة كونه طبيبه الخاص، لكن حافظ الأسد حلّ هذه الإشكالية عندما اعتبر هذا الموضوع قسمة ونصيبا. واختارت بشرى الأسد آصف شوكت الذي كان وقتها ضابطا صغيراً ومن عائلة غير معروفة وتعليمه الجامعي هو كلّ ثروته وفوق هذا فهو متزوّج وله أولاد، لكن شقيقها الأصغر باسل عارض هذه العلاقة بقوّة، واعتبر شوكت رجلاً غير مناسب، لكن آصف أصرَّ على موقفه، ما جعل باسل يأمر باعتقاله، وهكذا وضعه الأسد الصغير وراء القضبان ثمّ أفرج عنه بعد فترة نتيجة إلحاح أخته وتدخّل حافظ الأسد. وتكرّرت هذه العملية أربع مرّات لمنعه من الاجتماع بأخته، ولم تنته عمليات مراقبة آصف وبشرى إلاّ بموت باسل عام 1994 في حادث سيارة مفاجئ. وبعد سنة واحدة من مقتل باسل نفد صبرُ آصف وبشرى، وقرّرت بشرى الهروب مع آصف للزّواج منه، وفعلاً غادرت بشرى الأسد مع آصف شوكت سرّا عن طريق تركيا إلى إيطاليا ليعلما من هناك الرئيس حافظ الأسد وعائلته بزواجهما، لترضخ العائلة بعدها للأمر الواقع وتتقبّل هذا الزّواج ويعود الزوجان إلى سوريا. ولآصف شوكت دورٌ كبير في تهيئة بشّار الأسد ليخلف حافظ بمساعدة اللّواء بهجت سليمان، وفي عام 1998 أشيع أنه أصبح الرجل الأقوى في سوريا، وأنه يتدخّل في كلّ كبيرة وصغيرة وخاصّة في ملفات الجيش من تنقّلات الضباط وتصفيات حسابات شخصية، كما تدخّل آصف شوكت في الملف الأمني والسياسي اللّبناني. الثورة السورية آصف شوكت واحد من أعضاء خلية الأزمة وواحد من مؤيّدي قرار استخدام العنف في قمع المظاهرات السورية ضد النّظام، ومن تهديداته الشهيرة خلال الثورة قيامه بتحذير حماة باجتياح مدينتهم إذا لم يوقفوا تظاهراتهم ضد النظام قبل اجتياحها وقصفها، ما دعا أهالي حماة إلى إصدار بيان حينها يشرح التهديد الذي تلقّوه، وفي محاولة لوضع العالم أمام مسؤولياته، دون أن يجدي ذلك البيان نفعا حينها، إذ تمّ اجتياح حماة فعلاً وقصفها وقتِل الكثيرون.