وإذا كان هذا الوضع بالنسبة للمدن الكبرى المثقلة بالزيادة السكانية المتوالية والنزوح من الريف المتعاظم, منذ عقود من الزمان فماذا عليه الأوضاع الآن..؟ الواقع يشير إلي أن إجراء الدراسة في الوقت الراهن, ستكون نتائجه مختلفة في كثير من النقاط فإذا كانت الخسائر الاقتصادية محورا أساسيا, فإن الإنسان هو الأهم, حيث يشكل مفتاح الخروج من المأزق الاقتصادي, وكذلك هو الضحية الأساسية للأزمة الاقتصادية. ومن ثم, فإن المساواة بين المواطنين في تحركهم من مكان لآخر في ظل كفاءة اقتصادية أفضل وتوافر عنصري الأمان والصداقة للبيئة, تعد البوابة الرئيسية نحو طريق العدالة الاجتماعية, فلا يمكن حصر أزمة المرور في اختناقات السيارات الخاصة في شبكات الطرق أو ارتفاع الفترة الزمنية للرحلة, وإنما وهو الأهم, المساواة الاجتماعية من خلال تحسين قدرة الأفراد علي التنقل عبر وسائل النقل العام, مع تطوير البنية الأساسية عن طريق التكامل بين جميع هذه الوسائل( المترو - الترامواي – حافلات النقل الجماعي –سيارات الأجرة) وقد حدث ذلك والدولة الجزائرية قد وفرت هذه الوسائل ،وما على المواطن إلا أن يستغلها ويحافظ عليها لنخرج سالمين من هذه المعضلة المرورية التي أتلفت أعصاب الكثير من المواطنين..؟ إن المرور ومواجهة معضلاته من خلال الدراسة الموضوعية والخطة ذات الأهداف الإستراتيجية ،سوف تكون منفذا لمزيد من فرص العمل والاستثمارات في آن واحد. ليس فقط بالنسبة لمستخدمي وسائل النقل العام ولكن أيضا بالنسبة للمؤسسات القائمة على إدارة المرور وتوفيرالاطارات البشرية المدربة والمؤهلة لذلك, والشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في تمويل الاستثمارات المالية الخاصة بتحسين شبكة الطرق وتطوير أدائها وقدراتها على الاستيعاب.. ! و الحديث عن أزمة المرور وكونها في صدارة أولويات العمل, إلي العدالة الاجتماعية والأخذ بأسباب الدراسة العلمية بعيدا عن الحلول المؤقتة أو تضميد الجراح دون الوصول إلى مركز الداء الذي تشعبت وتضخمت آثاره السلبية, ولكن وفي ظل فتح طرقا جديدا سوف يحل الإشكال ولو كان تدريجيا..؟ !