يعيش شمال مالي خلال الأيام الأخيرة فوضى أمنية غير مسبوقة بعد الإنقلاب العسكري في باماكو وكذا سيطرة عدة مجموعات مسلحة على الشمال، بشكل جعل المنطقة تمثل تهديدا لدول الجوار وفي مقدمتها الجزائر، حيث أعلن أمس وزير الداخلية دحو ولد قابلية أن اللجوء إلى غلق الحدود غير مستبعد في حال فشل خيار المراقبة الصارمة لهذا الشريط. وأكد وزير الداخلية دحو ولد قابلية في حوار ليومية »لو كوتديان دورون« أن احتمال غلق الحدود الجزائرية المالية غير مستبعد، مشيرا إلى أن حدودنا تخضع لمراقبة صارمة غير أن احتمال غلقها غير مستبعد. «سنتشاور مع وزارة الشؤون الخارجية لاتخاذ قرار» كما قال، موضحا أن هذا الإجراء لم يتم اتخاذه لأن هناك »جزائريون ورعايا آخرون يجتازون الحدود«. وجاءت تصريحات وزير الداخلية بالتزامن مع حادثة وقعت أول أمس بمنطقة تيمياوين الحدودية البعيدة ب950 كلم عن مدينة أدرار والمتاخمة للحدود المالية، حيث تعرضت الشركة الوطنية لتقنيات الري إلى عملية اعتداء مسلح من طرف جماعة مسلحة مكونة من 4 أشخاص يحملون أسلحة أوتوماتيكية جاؤوا على متن 4 سيارات من نوع تويوتا ستايشن، وقالت مصادر أنهم قدموا من الحدود المالية ونفذوا اعتداءهم قبل الانسحاب من حيث أتوا. وجاءت هذه الحادثة لتؤكد مخاوف الجزائر من تداعيات انتشار السلاح في منطقة الساحل وانفجار الوضع شمال مالي الذي فر منه الجيش النظامي أمام تقدم مقاتلي الأزواد بعد الإنقلاب على الرئيس توري، غير أن جماعات إسلامية مثل حركة أنصار الدين وكذا أمراء في القاعدة استغلوا هذه الفوضى الأمنية لاحتلال مدن مثل تمبكتو بشكل يجعل المنطقة أمام مستقبل غامض. وكانت الحكومة قد دفعت بالمئات من أفراد الجيش الوطني الشعبي نحو الحدود مع مالي نهاية الأسبوع الماضي لتأمين المنطقة وسط تدفق لآلاف النازحين من النزاع نحو المدن الجنوبية. ووضعت هذه الأزمة المعقدة دول المنطقة أمام خيارين لا ثالث لهما إما تأمين حدودها أو التدخل العسكري وهو ما هدد به اجتماع دول الميدان في نواقشوط بحضور الجزائر، كما هددت مجموعة غرب إفريقيا بعملية عسكرية لمنع تقسيم مالي. وشكلت حركة مسلحة جديدة تحمل اسم الجبهة الوطنية لتحرير أزواد وتضم 500 رجل جميعهم تقريبا من عرب منطقة تمبكتو، وكانت الحركة الوطنية لتحرير أزواد أعلنت استقلال الشمال في خطوة رفضتها الأسرة الدولية بشكل قاطع. لكن على الأرض، تسيطر الجماعات الإسلامية المتشددة على مناطق واسعة وخصوصا جماعة أنصار الدين المدعومة من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وكانت مجموعة منشقة عن هذا التنظيم تحمل اسم حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا تبنت الخميس خطف القنصل الجزائري وستة دبلوماسيين في غاو شمال مالي وتجري الجزائر مفاوضات وتحركات في عدة اتجاهات لإطلاق سراحهم. وأضحت الأزمة في شمال مالي معقدة وسط صمت غربي رهيب لم يتعد بيانات التنديد رغم أن الخبراء يعتبرون تدخل الغرب في ليبيا وانهيار نظام القذافي أهم سبب وراء ما وصلت إليه الأمور في منطقة الساحل من تعفن، وسط تهريب كميات ضخمة من ليبيا بما فيها صواريخ متطورة نقلت نحو المنطقة.