بعد فتحها من طرف السلطات المحلية تحولت ساحة وحديقة مسجد “الكوثر” الأثري الموجود بقلب مدينة البليدة، مؤخرا إلى متنفس جديد للعائلات وذلك بعد فتحها من طرف السلطات المحلية أمام المواطنين، الذين استحسنوا كثيرا هذه الفكرة. وأوضح مدير الشؤون الدينية والأوقاف، كمال بلعسل، أن هيئته قررت بعد موافقة السلطات الولائية فتح ساحة وحديقة مسجد “الكوثر” العتيق أمام العائلات سعيا منها للمساهمة في توفير الراحة للمواطن. وقال ذات المسؤول بأن فكرة فتح هذا الفضاء التي تعد “أول مبادرة من نوعها على المستوى الوطني”، جاءت بعد ملاحظة جلوس العائلات أمام المسجد في المساء، لما يكون مغلقا في غير أوقات الصلاة. وتستقبل ساحة المسجد العائلات وأطفالهم بعد صلاة العصر مباشرة إلى غاية الساعة الحادية عشرة ليلا، حيث يكون الإقبال كبيرا ويزداد بعد صلاة المغرب، ويبلغ ذروته بعد صلاة العشاء مما يجبر الحراس، على تمديد غلق أبواب الساحة إلى منتصف الليل. وأشار بلعسل، إلى أنه تم فتح هذا الفضاء للراحة والترفيه، بفضل عملية إعادة تهيئة المسجد التي انطلقت منذ ثلاث سنوات، وتجاوزت نسبة تقدم الأشغال بها ال 95 بالمائة، علما أنه رصد لها غلاف مالي يقدر ب 200 مليون دينار. ووجه هذا الغلاف لإعادة تهيئة حديقة وساحة المسجد وتزيينهما من خلال تزويدهما بمقاعد مريحة وأعمدة مزخرفة وملفوفة بأسلاك الإنارة الملونة، ما زادها رونقا، وغرست أشجار النخيل في الحديقة، وكأنها ترسم طريق الدخول والخروج، كما زود المسجد بقاعة للمحاضرات ذات معايير دولية وملحقة لقاعة المحاضرات ومكتب لإصلاح ذات البين والفتوى. وبهذا أصبح هذا المعلم التاريخي والديني، الذي بني سنة 1533، على يد مؤسس المدينة سيدي أحمد الكبير، منارة للسياحة الدينية ومقصد الوفود الأجنبية التي تزور المدينة والتي تهتم بالبنايات الأثرية القديمة، وهو يقع في قلب مدينة البليدة ويمكن رؤية قبته المشهورة، من أي جهة من جهات المدينة. وأشار بلعسل إلى أن الفكرة لقيت “استحسانا كبيرا”، من طرف العائلات البليدية التي تتوافد بكثرة على هذا الفضاء، لافتا إلى أنه يجري حاليا البحث، عن محسنين لتقديم هبات توجه لإنجاز ألعاب للأطفال داخل الساحة. كما قررت المديرية، تعميم هذه المبادرة على معظم مساجد الولاية، حيث “يتم اشتراط من هنا فصاعدا إضافة ساحات للمساجد الموجودة طور الانجاز، بالإضافة إلى تهيئة ساحات جديدة في المساجد القديمة”. عائلات بأكملها تقضي ساعات طويلة في “منتزه” الكوثر وفي جولة مسائية إلى هذا الفضاء الذي أصبح “منتزها عائليا” بامتياز، لوحظ إقبال كبير على ساحة الكوثر حيث يكاد الزائر له أن لا يجد مكانا للجلوس فيه، إذ تأتي عائلات بأكملها لقضاء ساعات طويلة في هذا المكان. ولوحظ أن الأطفال يجلبون لعبهم ودراجاتهم الهوائية ودراجاتهم الدافعة وألواح التزلج التقليدية والكهربائية ويتسابقون فيما بينهم، مما يصنع الفرجة لمرتادي المكان، فيما تجلس النسوة فيما بينهن تتجاذبن أطراف الحديث وتستمتعن بنسمات الهواء المنعشة. وجعل موقع مسجد الكوثر بالقرب من “ساحة التوت” المعروفة بوسط المدينة، قبلة للعائلات التي عادة ما تقوم بتناول المثلجات والمرطبات بالمحلات الموجودة بالمنطقة، ثم تقصد ساحة المسجد العتيق للجلوس خاصة، في الأيام الأخيرة التي تسجل ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة، ولأن المسجد يقع قبالة مرتفعات الشريعة فإن هواءه منعش. و لم تخف السيدة حدة (68 سنة) التي كانت مرفوقة بزوجة إبنها وأحفادها الصغار، استحسانها لهذه المبادرة التي وصفتها ب”الطيبة”، معتبرة أن فتح ساحة مسجد الكوثر هو بمثابة متنفس للمواطنين خاصة، وأن المدينة تفتقر إلى هكذا ساحات. وذكرت السيدة خديجة (45 سنة) التي كانت تجلس مع زوجها، وهما يراقبان طفلهما الذي كان يلعب في الساحة، أن استحداث مكان للعائلات “أسعدنا كثيرا بسبب غياب فضاء للعب في الأحياء السكنية، إذ أصبحنا اليوم نأتي هنا ونجلس ونسهر إلى ساعات متأخرة من الليل دون حرج”. كما أعرب السيد عز الدين (55 سنة) عن اطمئنانه التام لترك زوجته وابنتيه داخل هذه الساحة في الوقت الذي يجلس فيه هو في المقهى المجاور مع أصدقائه، نظرا لوجود أعوان الحراسة في المسجد. من جهتهم، عبر كل من ياسين ورؤوف ومحمد وندى، كانوا يلعبون ويمرحون بهذه الساحة، عن فرحتهم الغامرة وسعادتهم الكبيرة بتخصيص هذا الفضاء لهم، خاصة وأن أولياؤهم كانوا يمنعوهم من الخروج للعب في أحيائهم السكنية، لغياب فضاءات مخصصة لذلك بها.