صدر للكاتب العراقي المقيم في مدينة برلين الألمانية يحيى علوان، عن دار كنعان مؤخرا مؤلف جديد يحمل عنوان “تقاسيم على وطن منفرد”... جاء الكتاب ذو النصوص المفتوحة، مختلفا عن غيره من إصدارات المؤلف، بداية من التحرير ووصولا إلى التصميم، ولإيصال فكرته وجعل القارئ يتمتع لغويا وأسلوبيا حرص الكاتب على تطويع أدوات نهجه الأدبي، وجعل النصوص والاقتباسات والهوامش في أنساق فنية محكمة وأسلوب موضوعي ودرامي أيضا. استهل الكاتب يحيى علوان كتابه “تقاسيم على وطن منفرد” الذي يقع في 166 صفحة وواحد وعشرين نصا مختلفا، معظمها لا تخلو من الدعابة والواقعية كما تحمل مرارة الزقوم في زمن يبدو كل شيء فيه معكوسا ومخالفا لقوانين الحياة والطبيعة، ب: ليس تمييزا ضد الأوطان، لكنه الوحيدُ في الكون حتى اليوم! فَإرادتُهُ تَتأتى من كونه “تحرر” محتلا!! يقصد به العراق طبعا. هذه الجملة الصغيرة، الهائجة بمعانيها، تختزل كل مضمون الكتاب ومفرداته القيمة. نصوص يحيى علوان في “تقاسيم على وطن منفرد” شيء شبيه بعمل “تشكيلي” تتناغم فيه الأماكن والأزمنة، ولا يخلو في الكثير من الأحيان من الرمزية والنثر وإنشاء كائنات مجازية. والجدير بالاهتمام أن النصوص بمختلف أجناسها من ناحية المعايير الفنية في سياقها الحكائي تحتوي على ثروة من البلاغات والمسؤولية الأخلاقية إزاء مسألة الانتماء بكل مظاهره، فضلا عن الأحاسيس والأماني المتعلقة بنظم وظروف الحياة. وسعى الكاتب يحيى علوان، على طريقة النظرية الاجتماعية بأسلوب أدبي بليغ إلى تسليط الضوء على خلفية تغييرات جذرية في الحياة السياسية العامة في وطنه، لتصويب المشاعر نحو التفكير في قضايا المجتمع الهامة، هذا التقييم لا يعكس أهمية “اللغة التعبيرية” كأداة مؤثرة للدفع باتجاه الحدث وحسب، إنما جعل من عناصر النصوص مقومات منسجمة مع نبض الأخلاق والمعايير الفكرية، وقد تحمل سيرة مجازية ملائمة بشكل تفاعلي للذائقة الأدبية تقنيا وسيميائيا. وتكتسب “تقاسيم على وطن منفرد” للكاتب يحيى علوان أهمية بنيوية وجمالية أدبية متدفقة فيها الكثير من الاستعارات والرموز والصور والأجناس، غزيرة المذاهب الرومانسية والانطباعية.. وبالتالي هي من ناحية المفاهيم نصا وموضوعا، من الأنماط الجديدة في أدبنا العربي المعاصر، إضافة إلى أنها جمعت بين الأدب والسياسة لاستخلاص المفاهيم من بين حدود واضحة. للتذكير، ولد الكاتب ببغداد العام 1946 وتخرّج من جامعتها وبالتحديد من قسم اللغة الإنجليزية. عمل منذ العام 1968 في الصحافة والترجمة ولازال ينشط في مختلف الصحف والدوريات العراقية والعربية والأجنبية، للكاتب مجموعة إصدارات متميّزة في الرواية والنثر والترجمات منها: المشط العاج (رواية فيتنامية) تُرجمت عن الإنجليزية وصدرت في بغداد عام 1969 عن مكتبة ودار النهضة و(حوارات المنفيين) نصوص ساخرة لبرتولد بريشت، ترجمت عن الألمانية وصدرت عن دار كنعان عام 2002، (أيها القناع الصغير أعرِفُكَ جيدا) نصوص أدبية لأوغستو مونتيروسو، ترجمت عن الألمانية وصدرت عن دار كنعان، (همسْ كتابة أفوريزمات، الجثة لا تسبح ضد التيار العام 2003 )..