يعيش مواطنو تيزي وزو منذ بداية موسم الحر على الأعصاب بفعل درجات الحرارة المرتفعة، بعدما شهدت الولاية حرائق مهولة أتت على الأخضر واليابس وأتلفت العديد من الهكتارات من الثروة الغابية والغطاء النباتي الذي يميز المنطقة ويتشكل في غالبيته من الأشجار المثمرة. وما زاد الأمر تعقيدا هي الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي عبر بلديات الولاية، وهي الوضعية التي استاء منها السكان الذين أجبروا على العودة إلى الحياة البدائية، واستعمال وسائل بسيطة لإنارة منازلهم ليعيشوا عدة أيام على ضوء الشموع ومصابيح السيارات بعدما أصبح التيار الكهربائي بين مد وجزر ما كبّد المواطنين خسائر فادحة، سيما ما تعلق بالتجهيزات الكهرومنزلية كالمكيفات الهوائية، أجهزة التلفاز والثلاجات. من جهة أخرى، يعيش سكان الولاية منذ عدة أشهر على وقع الاحتجاجات والخروج إلى الشارع بعد معاناة طويلة مع العطش، حيث حُرموا من عنصر الحياة، رغم أنّ الولاية تمتلك ثروة مائية لا يستهان بها. إتلاف 4825 هكتار من الثروة الغابية منذ مطلع الصيف يبدى سكان تيزي وزو مخاوفهم من استمرار نشوب الحرائق التي لم تخمد ألسنتها بعد منذ بداية موسم الصيف، حيث أدت النيران الملتهبة إلى إتلاف عديد الهكتارات من المحاصيل الزراعية والثروة الغابية، كماأتت على عدد من صناديق النحل المتواجدة في الغابات وأكوام التبن. واضطرت العائلات التي حاصرتها الحرائق في المناطق الجبلية إلى ترك منازلها والهروب من الموت المحقق، هذا وسجلت محافظة الغابات منذ الفاتح جوان، ما لا يقل عن إتلاف 4825 هكتار من الثروة الغابية كما سجلت من جهة أخرى خلال الفترة الممتدة ما بين 25 و26 أوت نشوب 17 حريقا أدى إلى إتلاف نحو 102 هكتار من الغطاء النباتي. وسُجلت أغلب الحرائق بغابات ميزرانة في تيغزيرت، عزوزة بالأربعاء ناث إيراثن، تاقصبت بدائرة واقنون، بوزقان شرق عاصمة الولاية، زكري، آيت شافع، أزفون، عزازقة، ذراع الميزان وغيرها، ما تسبب في القضاء على 5470 شجرة مثمرة أغلبها من أشجار الزيتون التي تعتبر مصدر رزق للعديد من العائلات في منطقة القبائل. كما لم تسلم المحاصيل الزراعية على غرار القمح والشعير من الحرائق، والتهمت ألسنة النيران نحو 6.5 هكتار من هذه الحقول بدائرة ذراع الميزان، وحسب مصادر من محافظة الغابات بالولاية، فقد تضاعف عدد الحرائق بالولاية هذه السنة مقارنة بذات الفترة من السنة المنصرمة، إذ أحصت نشوب 79 حريقا أدى إلى إتلاف 355 هكتار من الغطاء النباتي. وتسببت الثلوج التي شهدتها الولاية خلال شهري فيفري ومارس المنصرمين في القضاء على نسبة كبيرة من الغابات التي تركت مهملة طوال فترتي الشتاء والربيع، حيث تنامت الحشائش حول الأشجار، مما زاد من سرعة نشوب الحرائق حسبما كشفت عنه مصادر من محافظة الغابات بالولاية، وألحقت خسائر جسيمة بالممتلكات الخاصة والعامة، جرّاء إتلاف عديد الهكتارات من الثروة الغابية في محيط عاصمة جرجرة وضواحيها، وهي ظاهرة تتنامى من سنة لأخرى، ولا يستبعد أن يكون العنصر البشري المتسبب الرئيسي فيها. انقطاعات الكهرباء لا تزال تصنع الحدث من جهة أخرى، تتواصل معاناة السكان مع انقطاعات الكهرباء في بلديات الولاية منذ دخول فصل الصيف، وهو الوضع الذي استاء منه الجميع خاصة التجار الذين يعتمدون على الكهرباء في محلاتهم التجارية، وأدت الانقطاعات إلى تكبيدهم خسائر لا تحصى بعدما تعرضت المواد الاستهلاكية سريعة التلف على غرار الحليب ومشتقاته إلى الفساد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وليس الوضع أحسن حالا لدى الجزارين والخبازين الذين ناشدوا الجهات المخولة للحصول على إعانات من الدولة لاقتناء المولدات الكهربائية والتخلص من تبعات الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، التي أصبحت مألوفة في تيزي وزو والتي بات يعاني منها سكان منطقة القبائل كل يوم وألحقت بهم ولا تزال خسائر معتبرة. هذه الوضعية أثارت استياء وتذمر المواطنين بتكرارها دون الإعلان عنها، وتسببت في خروج هؤلاء إلى الشارع في مسيرات احتجاجية تنديدا بغياب مصالح سونلغاز التي حسبهم وضعت معاناة السكان على هامش اهتماماتها في عز أيام فصل الصيف. وشهدت عدة قرى على غرار بوزقان وفريحة وآيت جناد خلال الشهر الفضيل، غياب الإنارة عن منازل السكان لعدة أيام واضطرت العائلات إلى تناول وجبتي الإفطار والسحور خلال شهر رمضان المنقضي على ضوء الشموع ومصابيح السيارات، هذا في وقت يعاني فيه الأطفال الصغار وكبار السن الويلات نظرا لعدم تحملهم تلك الحرارة الشديدة أمام تعطل المكيفات الهوائية التي تعد ضرورية في الأيام الحارة. واللافت أنّ التيار الكهربائي ظلّ ينقطع دون سابق إنذار ليعود فجأة وبشدة أقوى مما كان عليه، ليتسبب في إتلاف مختلف التجهيزات الكهرومنزلية على غرار الثلاجات، التلفاز، أجهزة التكييف والتبريد، وما نجم عن ذلك من أعطال ونقاط ظلّ. من جهتهم، فضّل العديد من أصحاب مقاهي الأنترنت غلق محلاتهم لتجنب مضايقات الزبائن الذين يحرجونهم كل حين ويسألونهم عن الانقطاعات في الشبكة العنكبوتية، بينما لم يخف مسيّرو فضاءات النت تعرض أجهزة الكمبيوتر إلى التلف خاصة بكل ما يمثله ذلك من كارثية. على المنوال ذاته، تسببت الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في توقف عمل بعض المصالح والهيئات التي يقصدها المواطنون لقضاء حاجاتهم، وبحكم غياب الكهرباء تحتبس الخدمات بالكامل، في حين تزداد وتيرة الغضب لدى هؤلاء. السكان يعيشون على هامش الحياة بفعل جفاف حنفياتهم في سياق آخر، يشتكي سكان العديد من قرى تيزي وزو من انقطاع الماء الشروب لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر في انتظار وصول قطرات الماء إلى حنفياتهم، وعبّر هؤلاء عن قلقهم من الانقطاع في التزود بالمياه في ظل متاعب الحصّول عليه من صهاريج الخواص وبمبالغ مالية أثقلت كواهل العائلات، وحوّلت أزمة غياب المياه يوميات السكان إلى جحيم لا يطاق من خلال رحلة ملأ الدلاء من المناطق البعيدة، وهو الأمر الذي يؤرق راحة السكان الذين نددوا بالوضعية التي تلازم يومياتهم، ولا يختلف الأمر بين الجهتين الشمالية والجنوبية للولاية على حد سواء. واضطر المواطنون للخروج إلى الشارع وشن حركات احتجاجية متلازمة ومستمرة لشل حركة المرور وإقدام السكان العطشى على غلق الطرقات من أجل لفت انتباه المسؤولين المحليين، إلاّ أنّ معاناتهم مع العطش تتواصل لتستمر معها الاحتجاجات وذلك باللجوء إلى أساليب التصعيد بغلق أبواب المقرات الإدارية، على غرار البلديات والدوائر ومباني الجزائرية للمياه للمطالبة بتزويدهم بعنصر الحياة وربط سكناتهم بقنوات المياه الصالحة للشرب لمجابهة مشكل ندرة المياه الشروب، منددين في ذات السياق بتهميش الجهات المعنية لهم، حيث تعيش المئات من العائلات التي تعاني من أزمة العطش على وعود المنتخبين المحليين الذين يمطرون السكان في كل مرة بتسوية وضعيتهم، إلاّ أنّ الآمال تبخرت والوعود بقيت مجرد حبر على ورق لتتأجل إلى عهدة أخرى. وعبّر هؤلاء عن نقمتهم على تأخر تسوية مشكل التزود بالمياه الصالحة للشرب خاصة سكان القرى الجبلية والنائية الذين يعيشون في حالة أقل ما يقال عنها إنها مزرية بعد حرمانهم من عنصر الحياة، هذا الوضع اصبح يؤرق السكان وأطال من معاناتهم في ظل البحث عن هذه المادة الحيوية في المنابع الطبيعية المتواجدة في قراهم والتي تبعد عن مقر سكناهم بكيلومترات عديدة، وهو ما يزيد من مخاوفهم من الإصابة بالأمراض المتنقلة عن طريق المياه. هذا ويناشد السكان الهيئات المعنية بالتدخل الفوري لوضع حد لمعاناتهم التي يتكبدونها طيلة سنوات مع أزمة ندرة المياه الشروب ورحلة البحث عن هذه المادة الحيوية، في وقت يستغربون لمستويات تموين ولايتي بومرداس والجزائر العاصمة من سد تاقصبت الواقع بالقرب من سكنات مواطني تيزي وزو المحرومين من المياه الصالحة للشرب، بينما لم يستفد السكان المحليون من الثروة المائية التي يكتنزها ذات السد والذي يعرف كل سنة انتعاشا بنسبة 100 في المائة.