بكاء، استغراب وحيرة تلك التي رصدناها على وجوه أطفال وجدوا أنفسهم أمام أبواب الابتدائيات في أول يوم من الدخول المدرسي، "السلام "وقفت على حالات أطفال تحوّلت حياتهم الهنيئة التي لا شغل فيها سوى اللعب والنوم إلى مرحلة أكثر جديّة. اصطفت السيارات أمام أبواب المدارس خلال أول أيام الدراسة، بعدما حرص أغلب الأولياء على مرافقة أبنائهم خاصة ممن يدخلون المؤسسة التربوية لأول مرّة، في مظاهر امتزجت فيها الفرحة بالخوف والدموع. تصرفات غير متوقعة أولياء لزموا أماكنهم أمام باب المدرسة بعدما وجدوا صعوبة في فراق أبنائهم الذين دخلوها ودموعهم على أعينهم، حيث أشار بعض المتحدثين ل"السلام" أنهم وجدوا صعوبة في إقناع أطفالهم بالإلتحاق بمقاعد الدراسة، ولكن منهم من لم يتوقع بعض التصرفات التي تعتبر طبيعية إلى حد ّما. نوال إحدى من وجدناهن بالقرب من ابتدائية "عائشة عماري" بجسر قسنطينة، بعد أن ودّعت ابنتها كاميليا، حيث تقول أنهاطلبت منها إرجاعها إلى البيت بعدما شدّت أمها بقوة ورفضت أن تدخل بدونها، غير أن الأم أصّرت على أن تتركها لوحدها حتى تتعوّد، ولكنها تؤكد أنها بقيت غير مرتاحة خاصة أن كاميليا التحقت بمقعدها الدراسي وهي تبكي عن امّها. أولياء آخرون كانوا أكثر تعاطفا مع أبنائهم منهم منير، الذي وجد نفسه مضطرا لإرجاع ابنه إلى البيت بعد حالة الهستيريا التي أصابته، حيث صار يصرخ ويبكي ورفض الدخول رغم التوسّلات والوعود بالهدايا التي ستمنح له في حال دخل المدرسة بهدوء. نعيمة وجدت الحلّ في أن تصطحب ابنها إلى المدرسة وتعود مباشرة إلى البيت دون أن تلتفت وراءها، تقول عن هذا: "لقد بّت أفكر في حل يجنبني الموقف الذي سيضعني ابني فيه، خاصة أنه لم يتعوّد الابتعاد عني"، وهو فعلا ما حدث فالطفل رفض الدخول إلى المدرسة إلا ووالدته معه ولكنّها فرّت هاربة تاركة المهمة للحارس. سارة كانت جدّ متشوقة للالتحاق بالمدرسة وهي التي تتمّنى أن تصبح طبيبة، قضت أيّاما وهي تجهّز نفسها،اقتنت أجمل الثياب والأدوات، ولكن ردّة فعلها أمام باب المدرسة كانت معاكسة تماما، ما أثاراستغراب ودهشة والدتها فقد نزعت المئزر وطلبت العودة إلى البيت متوسّلة والدتها أن لا تتركها لوحدها، الأم تقول أنها وقفت في حيرة من امرها ولم تجد تفسيرا لحالة ابنتها التي خضعت لاستعدادات مسبقة يبدو أنها لم تجد نفعا. لا دخول إلا بالنقود حالة أخرى في ابتدائية "محمد بوراس" بنفس المنطقة لطفل يلتحق بالمدرسة لأول مرّة، ورغم العناية التي قال والده أنه حظي بها إلا أن ردّة فعله لم تكن في المستوى المطلوب، فسرعان ما صار يبكي ظنّا منه أنه سيترك في هذا المكان ورفض الدخول إلى المدرسة، ولكن وعلى ما يبدو أن الوالد يعرف "دواء" ابنه حيث أخرج حقيبة النقود وراح يقدّم له دون حساب، المهّم أن الطفل رضي والتحق بصفّه. حالات استوجبت المرافقة إلى داخل القسم المشهد نفسه بابتدائية "جبار مسعود" ولا تخدعك تلك الوجوه البريئة التي اتجهت إلى المدارس بكل هدوء ولكن باب المدرسة كان للبعض بمثابة الدخول إلى عالم مخيف، وهو ما جعل الكثير منهم يحاول بكل الأساليب أن يعود أدراجه وهو ما تطلب هدوءا وحكمة، سهام كانت أكثر هدوءا من ابنها الذي صار يركلها بمجّرد أن فكّرت أن تتركه لوحده، إلا أنها وجدت نفسها تدخل معه إلى قاعة القسم والمكوث معه لبعض الوقت قبل أن تغافله وتعود مهرولة. التزين والتعطر قبل المدرسة استعدادات ارتبطت بأول يوم في المدرسة، والكل يسعى ليكون في كامل أناقته منهم "ليديا" التي استيقظت على السابعة صباحا من أجل أن تجد الوقت الكافي لتصفيف شعرها وارتداء الثياب التي حرصت أن تكون متناسقة، من حيث الشكل واللون دون أن تنسى التطيّب بأفخم العطور قبل أن تتجه إلى مدرستها، فليديا ورغم صغر سنها تهتم بمظهرها الذي قد يسترق من وقت دراستها. أطفال آخرون اتجهوا للمدرسة لأول مرّة والفرحة تملأ قلوبهم فالمدرسة كانت متنفسا لكثير من الأطفال، يقول أوليائهم أنهم أخذوا حريتهم حيث صار بإمكانهم اللعب مع أقرانهم بعدما كان الخروج إلى الشارع ممنوعا عنهم. النوم مشكلة الكثيرين اعتاد أغلب الأطفال النوم إلى ساعات متأخرة واللعب في أغلب الأوقات ولا شيء يعكر صفو حياتهم، إلا أن بداية الدراسة غيّرت كثيرا من برنامجهم اليوم، فالاستيقاظ والنوم وحتى اللعب أصبح مقنّنا وهو ما يتطلب وقتا من أجل التكيّف مع النمط الجديد. "نزيم" أحد من جرّوا إلى المدرسة جرّا بعدما لم يستطع الاستيقاظ مبكرا، وهي النقطة التي تقول أمه أنها أكبر مشكلة ستواجهها مع ابنها فرغم أنه ينام باكرا إلا أنه يجد صعوبة في الاستيقاظ في الوقت المناسب، وهي تخشى أن تكون هذه وسيلته للتهرّب من الدراسة. البيض والخفاف.. طقوس خاصة بأول دخول هذا وكان بعض الأولياء قد أحيوا بعض التقاليد الخاصة بأول دخول مدرسي، ومن الأمهات من أحيت بعض الطقوس بهذه المناسبة على غرار كسر حبّة بيض فوق إناء يوضع فوق رأس الطفل قبل أن يخرج من البيت ليأكلها عندما يعود من المدرسة، ويرمز هذا إلى جعل الدراسة خفيفة كالبيض على الطفل حسب المعتقدات السائدة، في الوقت الذي قامت أخريات بتحضير الخفاف أو ما يعرف في بعض المناطق ب"السفنج" من أجل نفس المعتقد.