يعتبر موضوع الأحياء الشعبية والتجمعات السكنية العتيقة بولاية قسنطينة، من أهم المواضيع الشائكة والمعقدة والتي استمر تأثيرها السلبي الذي عاد على الكثيرين بالسلب، وانتهى في نهاية المطاف إلى نتائج لا تحمد عقباها وصلت في كثير من الأحيان إلى ارتكاب جرائم القتل بأبشع مظاهرها. من الشائع أن يصل مفهوم “الرجلة” الذي انتشر بشكل موسع في الأوساط الشعبية التي أصبحت معالم نظامه تتطابق ومعالم النظام القبلي الذي انتشر بدوره في العديد من الأحياء الشعبية القسنطينية. كحي التوت وحي بن تليس ووادي الحد وباردو سابقا وغيرها من الأحياء التي تحمل مختلف التسميات الشبانية، التي أطلقوها على أنفسهم لأجل حمل مشعل البطولات والتقدم به مهما كانت العواقب وخيمة أثناء حدوث المناوشات وتلك - الشجارات القبلية - التي يكون شعارها المرموق “البقاء للأقوى” في ظل استعمال مختلف الأسلحة الحادة والغازات الخطيرة وصنع المتفجرات بواسطة زجاجات المشروبات التي يعوض محتواها بمادة البنزين وذلك رغبة في إشعال الغريم وجعل شضايا الزجاج المتناثر تخترق جسمه، وإن كانت العاقبة تؤدي إلى موته الحتمي. الذي تبرز معالمه جلية من خلال تواجد “السلام” أمسية وقوع جريمة القتل التي كان بطلها طفل قاصر من حي بن تليس والتي راح ضحيتها الشاب شيباني شوقي صاحب ال 27 من حي التوت، تعود وقائع القضية حسبما صرح به أهل الجاني وبعض الشهود من حي بن تليس وحي التوت عندما حاول الطفل المدعو “ز ب« اجتياز الشارع الذي كان يقيم به الضحية رفقة جدته العجوز التي كانت تجلس بكرسيها المتحرك قرب منزلها بواسطة الدراجة النارية التي كان يركبها رفقة صديق له عند حدود الساعة السادسة مساءا، أين حاول الضحية استفزاز الجاني واستغلال صغر سنه للإستحواذ على بعض القطع من الدراجة النارية التي كانت لصديقه ومما زاد من حدة الموقف هو حقد الضحية على الجاني منذ شهر رمضان المنصرم وذلك بعد الاشجار الذي وقع بين الطرفين عندما حاول الضحية الإعتداء على مسن كان يقطن بحي بن تليس الأمر الذي جعل الضحية يحمل أواصر الثأر التي كانت مشحونة في قلبه حقدا على الجاني الذي تعرض رفقة صديقه إلى الإعتداء بواسطة قضيب حديدي قبيل دقائق من وقوع الجريمة التي ارتكبها القاصر ضد المدعو “شوقي”، وقد أكد لنا بعض شباب حي بن تليس بأن الضحية صاحب سوابق عدلية وذلك بحكم تواجده مع بعضهم في السجن رفقة أخيه منذ مدة قصيرة بعكس ما أدلت به بعض الجرائد التي لم تقم بالإستقصاء الفعلي حول ملابسات الجريمة الصحيحة - على حد تعبيرهم - لأنها اكتفت بالتنقل إلى أهل الضحية دون استجواب أهل الجاني الذي يعد ضحية بدوره خاصة بعد تسليم لنفسه في اليوم الموالي من ارتكابه الجريمة بعدما اختبأ في منزل أحد جيرانه الذي لعب دورا في تهدأت نفسيته الهائجة إلا أن ما ينبغي تسليط الضوء عليه هو ما حدث بين الحيين بعدما ثارت ثائرة أهل الضحية وبعض أصدقائه أين قاموا بالإعتداء على بعض المباني القصديرية بحي بن تليس الجهة العلوية الأمر الذي اسفر عن حرق ربة بيت على مستوى ذراعها في الليلة الأولى من الجريمة، أين كانت ردة فعل الشباب قوية عندما حملوا السكاكين بغية الإشتباك مع شباب “حي التوت” الذين عمدوا على تحطيم مركز الأمن الثامن لولاية قسنطينة، وكذا إتلاف زجاج بعض السيارات التي كانت بحظيرة المنطقة وتهديد فتيات حي “بن تليس” اللواتي تعرضت إحداهن لعملية تمزيق ملابسها بعدما كانت متجهة صوب المدرسة في صبيحة اليوم الموالي، حسب ما أدلى به أخوها الأكبر وبعض الشهود من حي بن تليس، إلا أن الحادثة لم تكن الأولى أو الأخيرة حيث سجل حي وادي الحد جريمة قتل في اليوم الموالي من الحادثة وكذا نشوب شجار حاد بين شباب بعض الأحياء التي رحلت إلى المدينةالجديدة علي منجلي، فضلا عن عملية الإعتداء التي تعرض لها أحد العمال بمحطة المسافرين القديمة بقسنطينة من قبل مجموعة من الشباب المدمنين على الكحول . الشجارات تحول أسماء بعض الأحياء إلى كوابيس.. يعود تاريخ بعض الإشتباكات الشبانية التي باتت تخجل الكبير قبل الصغير منا إلى سنوات طويلة، أهمها الشجارالذي نشب بين حي “بن تليس” و«وادي الحد” والذي دام مدة 3 أيام وانتهى ببتر ذراع أحد الشباب بحي وادي الحد، وقد خلفت الحادثة تنافرا حادا بين الحيين في الوقت الذي يتطلب الأمر تحقيق الوحدة لأجل السمو بمظاهر التقدم الذي أبقانا في مصاف التخلف مهما تطورنا وازدهرنا، ما دامت القبلية والجهوية وضعت عناصر فعالة لتحقيق هدف أسمى تعكس لنا معالمه في تلك التسميات الغريبة التي أطلق على الشباب الذين يكون معضمهم من المنحرفين بغية ترهيب غرائمهم أو لتحقيق مفهوم “الرجلة” التي تتطلب منهم عملية فهم المصطلح بشكل فعلي ومعمق، وذلك من أجل تطبيقها على العامة من الناس وعدم اقتصارها على سكان الحي. وهو الأمر المعروف عند بعض الأحياء كحي بن تليس الذي صاحبته “السلام” يوم حادثة القتل الأخيرة وذلك بعدما تكاتفت جهود الشباب من أجل حماية أهل الجاني وهو المشهد الذي عادة ما يتكرر أثناء حدوث أزمات المحن بمختلف أشكالها، وبالرغم من انتشار بعض المظاهر السامية عند العديد من الأحياء الشعبية القسنطينية إلا أنها لم تكن كافية لإزالة الصورة السيئة التي طبعتها أسماء العديد منها في ذهنية مواطني قسنطينة، وذلك بمجرد الحديث عنها نظرا لما سجله تاريخها الحافل بعمليات النشل والمخدرات والحڤرة وغيرها من الآفات التي جعلت الكثيرين يعزفون عن زيارتها أو تغيير وجهة التنقل صوبها في كثير من الأحيان.