أصدر خالد السلطاني الباحث في مدرسة العمارة بكوبنهاغن، مؤخرا كتابا جديدا من 256 صفحة باللغة الإنجليزية، يحمل عنوان "تناص معماري: العمارة بصفتها قبولا للآخر". حيث قامت مدرسة العمارة الأكاديمية الملكية للفنون في كوبنهاغن بنشره ضمن منشوراتها العلمية، الكتاب غني بالصور والمخططات، تتعاطى مع قيمة "الأنا" و"الآخر" معمارياً، إذ يتناول المشاريع المصممة من قبل المعماريين الدانمركيين، والمخصصة إلى البلدان العربية والإسلامية. وتهدف نصوص الكتاب إلى الرفع من شأن الحوار بين مختلف الثقافات المتنوعة والحوار المعماري تحديدا، حيث يشير متن الكتاب إلى مقدرة المصممين الدانمركيين في تأويل قيم العمارة "المكانية"، وهي هنا "العمارة الإسلامية" وتوظيفها في التصاميم المخصصة لتلك البلدان، إلا أن التأويل هنا يمتلك ذائقته الخاصة المعتمدة على مرجعية جمالية اسكندينافية من هنا، في رأي المؤلف، تمتلك تجربة هذا "التأويل" أهميتها وإثارتها و.. فائدتها. يهتم الكتاب في تناول جملة تصاميم منفذة، وأخرى وغير منفذة صممها الدانمركيون في بلدان الشرق الأوسط، مثل "مبنى مجلس الأمة الكويتي" في العاصمة الكويتية للمعماري "يورن اوتزنن" ومصمم المبنى كما هو معروف، والذي سبق له أن صمم-على سبيل المثال- مبنى "أوبرا سدني" في أستراليا في مطلع الستينات من القرن الماضي، كما يتناول الكتاب مشروع "مجمع جدةالرياضي" الذي لم ينفذ لنفس المعماري، الذي صمم أيضا "مسرح لم ينفذ في لبنان سنة 1970 إضافة إلى مصرف "ملي بنك" في العاصمة الإيرانية طهران سنة 1959. وبما أن الكتاب يسعى إلى الإحتفاء بموضوعة "الأنا" و"الآخر"، فإن مؤلفه السلطاني، يتناول أيضا في كتابه، مشاريع "يورن أوتزن" الدانمركية التي اعتمد في صياغة تكويناتها التصميمية على قيم العمارة الإسلامية، هي التي يتعتبر أوتزن نفسه أحد المعجبين بها كثيرا، والمتحمسين لها، فيتناول "مجمع فخذينسبو" الإسكاني، الواقع في شمال العاصمة الدانمركية كوبنهاغن. في الكتاب، ثمة اهتمام واضح لعمارة "هينينغ لارسن"، الذي يعتبر الآن أشهر معمار دانمركي وأوربي، هو الذي صمم مبنى "وزارة الخارجية السعودية" 1980 في الرياض، المبنى الذي اعتبر في رأي كثير من النقاد المعماريين، أحد أهم مباني العاصمة السعودية، ونال المصمم عليه جائزة "الآغا خان للعمارة الإسلامية" المرموقة عام 1984، كذلك يتناول الكتاب مشاريع "لارسن" العربية مثل "سفارة الدانمرك في الرياض" 1984، ومبنى "مدرسة كوبنهاغن للأعمال" 1986 والتي استخدم المعمار الدانمركي في لغتها التصميمية كثيرا من مبادئ العمارة الإسلامية في صيغتها المؤولة، وهي تعتبر الآن من المباني المصانة، واجبة الحفاظ في العاصمة الدانمركية، نظرا لقيمتها المعمارية والثقافية. يشمل الكتاب أيضا على نصوص نقدية خاصة بمبانٍ أخرى، مصممة من قبل معماريين دانمركيين، مثل "أبراج الكويت" للمعمارة "مالينا بيون"، ومبنى "بنك الكويت المركزي" للمعمار "آني ياكبسون" بالاشتراك مع مكتب D+W، ومبنى "متحف البحرين الوطني" في المنامة بالبحرين، للمعمار كنوذ هولشير، ومبنى "البنك المركزي العراقي" في بغداد للمعمار بول ينسين، والكتاب يتناول أيضا مشروع "معهد التدريب التقني في قصر البخاري بالجزائر" لعام 1982 للمعمار هانس مونك هانسين، وغيرها من التصاميم، التي تحضر في تكويناتها قيم ومبادئ العمارة الإسلامية، منظورا لها من وجهة نظر أخرى. وبمناسبة صدور الكتاب، فقد أقامت مدرسة العمارة في كوبنهاغن حفلا في إحدى قاعاتها، خصص للإحتفاء بصدور الكتاب باللغة الإنجليزية، وتحدث فيه معاون العميد العلمي وكذلك المؤلف، الذي وقع على نسخ عديدة من كتابه، حيث حضر الإحتفال جمهور من الأكادميين والمعماريين المصممين لبعض المباني التي تناولها الكتاب، فضلا على أصدقاء المؤلف العراقيين والعرب المقيمين في كوبنهاغن.