مع بداية نهاية موسم الصيف، تبدأ العديد من المحلات التجارية تفكر في كيفية التخلص من مخزون الملابس الصيفية من أجل فتح المجال لدخول سلع جديدة كما اعتاد البائعون كل سنة لتكون تخفيضات الأسعار هي السبيل الوحيد إلى ذلك، ولكن هل »الصولد« في هذه المحلات هو فعلا تخفيضات لصالح المستهلك، أم مجرد إغراءات من أجل جلب الزبون إلى المحل والعمل على إقناعه أن هذه السلعة سعرها يفوق ما هو موجود حاليا؟ لذا من الأفضل اغتنام هذه الفرصة لاقتناء عدة قطع من الملابس سواء كانت محلية المصدر أو مستوردة، وبأنها موجودة حصريا في هذا المحل ولن يجدها بهذا السعر في أي مكان آخر وغيرها من الكلمات التي يحفظها أصحاب هذه المحلات عن ظهر قلب. المتجول في الشوارع الكبرى للعاصمة على غرار شارع حسيبة بن بوعلي بساحة وبعض المحلات في شارع العربي بن مهيدي يلاحظ بلا شك تنافس بعض المحلات على جلب الزبائن تحت لائحة «الصولد»، في الوقت الذي تحافظ فيه محلات أخرى على نفس السعر الذي وضع للسلعة ويكون ذلك على مدار العام أحيانا. لافتات تملأ المحلات وقد كتب عليها كلمة «صولد 50 بالمئة»، وأحيانا أكثر؛ ولكن لما تدخل المحل تجد أن كل قطعة لها تخفيض محدد قد لا يتجاوز في الحقيقة قيمة 20 بالمئة، في حين يظن الجميع أن كل شيء في المحل مخفض بنفس التسعيرة، لتكون القطع المخفضة بقيمة 50 بالمئة لا تشهد إقبالا كبيرا كونها تباع في أماكن أخرى بنفس السعر وأحيانا أقل، ولكن هذا لا يعني أن هذه التخفيضات غير حقيقية، لأنه توجد محلات تبيع ألبسة مستوردة تقدم تخفيضات بنسب قليلة لا تتجاوز في بعض الأحيان قيمة 20ب المائة، لأنها في الأصل كانت تباع بأسعار جد مرتفعة. أما الزبائن فقد بدوا لا يقلون ذكاء عن التاجر في حد ذاته، لأنهم متأكدون تمام التأكد أنه من المستحيل أن يصب هذا التخفيض في غير مصلحة التاجر، وما هذه التخفيضات إلا خدعة يمارسها بعض الباعة على الزبون، وحسب إحدى الزبونات فإن الصولد الحقيقي لما تنزل القطعة بسعر معتبر مثلا هي اشترت قطعة بقيمة 2500 دينار في حين كان سعرها 3500 دينار. «اشتري خمارين وخذي الثاني مجانا»، هو شعار بعض محلات بيع الخمارات، وهذه خدعة أخرى عمد إليها بعض التجار، فهم يرفعون السعر حتى يتمكنوا من إهداء قطعة أخرى على أساس أنها مجانية. إن الصولد بالنسبة للبائع لا يعني سوى الطريقة التي يتخلص بها من سلعته المكدسة في المخزن من أجل جلب سلعة جديدة، في حين لا يدخل هذا المصطلح بعض المحلات الأخرى، حيث يقوم صاحبها بتخزين سلعته على أن يقوم بعرضها في الموسم الصيفي القادم، كل هذا أدى إلى فوضى في هذه المحلات مما جعل الزبون في حيرة من أمره ومجبر على توخي الحذر حتى لا يكون هو الخاسر رقم واحد، فالكل يرفع السعر متى شاء ويخفضه متى شاء بدون حسيب ولا رقيب. وقد عبر أحد الباعة على عدم فائدة الصولد تجاريا، لأنه يسبب خسارة للتاجر أكثر من الربح إذا ما قورن بالدول الأوروبية، أين يكون التاجر رابحا في كل الأحوال، في حين يحاول التاجر عندنا على الأقل المحافظة على رأس ماله، ما يفسر قلة التخفيضات رغم كتابة لافتات بأسعار أكبر، في حين يكون التخفيض حسب بعض البائعين على القطع التي يرى أنها لن تواكب موضة الصيف المقبل، أما البقية فتخبأ لتباع في العام القادم. هذا ويرجع العديد من التجار نظام التخفيضات إلى البلد في حد ذاته، فإذا كان بلدا منتجا فهذا يعني أن التخفيضات تكون في المستوى الذي يخدم الزبون، لأن السلع محلية وبالجودة التي يطلبها الزبون وبالتالي يحقق البائع الربح المناسب ويحصل الزبون على ما يريد بسعر يناسبه، أما إن كانت الدولة غير منتجة، فالتخفيضات تكون بأسعار رمزية، لذا لا يمكن أن يطبق التخفيض على الملابس بقواعده العملية، بل يلجأ إليه للتخلص من السلع التي لا تباع. الصولد يضع السلعة محل شبهة يشتكي العديد من التجار مع كل تخفيض ينزلونه من المواطنين الذين يشككون أن السلعة فيها عيب معين، لذا خفضت أسعارها، فتجدهم يقلبون هذه وتلك ويطلبون هذه وأخرى، وهناك من يقيس تقريبا كل القطع المعروضة، ثم يخرج دون أن يشتري شيئا حسب الباعة، فإن هذه السلوكات تصدر بشكل أكبر عن النساء مما قد يفقد صاحب المحل صوابه ويندم، لأنه وضع كلمة «تخفيض»، أما الأدهى من ذلك لما يأتي زبائن وهم يقرأون كلمة «الصولد»، ولكن يطلبون تخفيضات أكثر في السعر. في حين أن التخفيضات في الدول الغربية يعلن عنها عبر وسائل الإعلام ليستعد المواطن لاقتناء كل ما يحتاجه قبل نهاية المدة المخصصة لذلك، ولقدأكد أحد التجار أن التاجر يكسب أحسن في الأيام العادية وقد يخرج بخسارة كبيرة عند التخفيض، لذا نجده لا يخضع للنظام، وإنما يعمل وفقا لرغبة الزبون وطلب السوق، كما أن التخفيضات في مجتمعنا لا يحكمها قانون، لذا فالجميع يبيع حسب ما يخدم مصالحه. ...وللمواطن مايقول في الصولد إذا كان التاجر يشتكي من صعوبة التعامل مع المواطن، فإن هذا الأخير يعتبر بعض التجار انتهازيين، إذ يدّعون أن الأسعار مخفضة من خلال ما تعكسه تلك الأوراق المعلقة في محلاتهم، لكن عوض الكشف عن ثمنها الأول وتحديد سعرها المخفض، يقوم بالكشف عن السعر الجديد والإدعاء أن السعر القديم هو ضعف السعر الجديد، ولكن ما الذي يثبت ذلك حسب ما يقول العديد من الزبائن؟ في حين يجد آخرون من المحلات الكبرى التي تبيع الماركات العالمية أنها تحترم قواعد التخفيضات، حيث يشعر المواطن بقيمة السلعة ويلمس التخفيض، بينما تعمد محلات أخرى إلى كتابة عبارة «تخفيض» من أجل جذب المواطن للدخول إلى المحل لا غير، لأن المبلغ المخفض جد رمزي، ولا يثير اهتمام الزبون وهو السبب وراء طلب تخفيض آخر على السلعة. وهكذا يبقى المواطن يتحين الفرصة المناسبة لاقتناء ما يريد بالسعر الذي يرضيه، وذلك لخبرة الكثيرين في هذه العملية، خاصة وأنهم تعودوا على انتظار مثل هذه العروض للحصول على الأفضل وتظل بذلك التجارة شطارة يسعى وراءها البائع إلى تحقيق الربح وتجنب الخسارة.