تحصي المقاطعة الإدارية لبئر مراد رايس حوالي 700 عائلة تقيم في بيوت قصديرية موزعة على البلديات التابعة لها معنية بالترحيل خلال العملية التي تستعد لها ولاية الجزائر بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، بعد معاناة طويلة داخل بيوت هشة تفتقد لأدنى شروط الحياة الكريمة، حيث انهت ذات المصالح التحقيقات التي باشرتها فيما يخص العائلات التي تشغل البيوت القصديرية في عدة مواقع وهو الخبر الذي أعاد الأمل للعائلات المعنية. قال رئيس ديوان المقاطعة الإدارية لبئر مراد رايس عبد الكريم أمزيان، أن عملية الترحيل المقبلة ستشمل عدة مواقع تتعلق بالمكي، وادي الكرمة وسيدي مبارك والموقع الفوضوي المتواجد بطريق سحاولة، وهي المواقع القصديرية التي عانى قاطنوها لسنوات طويلة داخل بيوت تكاد تنهار عليهم. سكان طريق سحاولة .. معاناة عمرها 20 سنة قال سكان الحي الفوضوي المتواجد بطريق سحاولة أن يومياتهم مليئة بالمعاناة والبؤس والشقاء، مضيفين أنه كل العبارات التي تعبر عن الواقع الذي يعيشونه لا تكفي لوصفه، قائلين أن سكناتهم تشبه إلى حد كبير الإسطبلات التي لا تليق بالبشر. وتزداد مخاوف السكان كلما تتهاطل الأمطار وتهب الرياح، حيث تسجل انهيارات جزئية بأكواخهم القديمة المهترئة، وحسب قاطنيها فهي لا تحمل من كلمة البيت غير الاسم بدل الصفة. فلا وجود لنافذة بغرفة هي كل ما تملكه عائلة أحدهم يقطن بها رفقة زوجته وأبنائه الأربعة، وسقف مكون من أعمدة خشبية متقاطعة شيدت لتنصب عليها قطع من البلاستيك هي كل ما يحمي عائلة أم رفقة بناتها الثلاث وابنها البكر الذي يتقاسم معهم البيت باتخاذه لإحدى الغرفتين سكنا له رفقة زوجته وأطفاله، وألواح من الصفيح المهترئ والزنك وبراميل حديدية متآكلة أعيد تشكيلها لتصبح عبارة عن صفائح هي كل ما يفصل بين غرف الأكواخ أو بين الجار وجاره، وغيرها من الصور الصادمة التي قال قاطنوها أنها لا تكفي الكلمات لوصفها. هذا وتطرق سكان الموقع الفوضوي إلى حالة الطرقات التي ضاعفت من معاناتهم، حيث يجدون صعوبة كبيرة في الولوج إليه خاصة في فصل الشتاء، حيث تساقط قطرات من الأمطار تجعل الأرضيات تغرق في البرك المائية التي يصعب اجتيازها حتى بالنسبة لأصحاب المركبات الذين اشتكوا من كثرة الأعطاب بها نتيجة الحفر والمطبات المتواجدة بالمسالك التي ما تزال ترابية لم تستفد من أشغال التهيئة. ويضطر السكان خلال كل فصل شتاء إلى نعل الأحذية البلاستيكية في تنقلاتهم اليومية إلى مقرات عملهم والمؤسسات التربوية، وفي هذا السياق أكد محدثونا من سكان الحي أن أبناءهم يعانون كثيرا في تنقلاتهم اليومية إلى المؤسسات التربوية. وللتقليل من حالة تدهور المسالك، قال أحد السكان أن البعض منهم يلجأ إلى وضع الحصى بالقرب من سكناتهم لتسهيل حركة السير ومنع تجمع مياه الأمطار. وزاد من مخاوف السكان تواجدهم بمحاذاة الوادي، حيث تسبب لهم في عدة مشاكل خاصة في فصل الشتاء بسبب ارتفاع منسوب مياهه لتتسرب إلى داخل السكنات التي اشتكى قاطنوها مرات عديدة من الوضع، وزاد من مخاوفهم حدوث انزلاق للتربة التي قد يتسبب في انهيار أكواخ. ومن جهة ثانية أشار السكان إلى المياه القذرة التي تتجمع بالوادي والنفايات التي يتم رميها به من قبل مواطنين مجهولين، الأمر الذي ساعد على ظهور الأفاعي والحيوانات الضالة والحشرات السامة ما أثّر سلبا على صحة السكان وساهم في إصابتهم بمختلف الأمراض كالأمراض التنفسية، الحساسية والربو والأمراض الجلدية، وهو ما أكدته العائلات القاطنة في نفس الحي عن حجم المعاناة وعن تلك السموم التي يتجرعونها يوميا. كما تطرق السكان إلى إهتراء قنوات الصرف الصحي التي أصبحت تهدد صحة السكان القاطنين بعد أن أصبح يشهد تسربات للمياه القذرة في الأزقة والمسالك، الأمر الذي نتج عنه انتشار كبير للروائح الكريهة والحشرات وحسب السكان، الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه المخاطر باعتبار أنهم لا يجدون ملجأ لهم للعب سوى بالقرب منها وهذا راجع إلى غياب المرافق الترفيهية التي تفتقر لها المنطقة والتي يمكن أن تخفف من عبء المعاناة التي يتجرعها السكان. قاطنو موقع سيدي مبارك يعانون في صمت من بين الأحياء التي ما تزال قائمة بالرغم من عمليات الترحيل العديدة، نجد الحي القصديري "سيدي أمباركّ" الواقع في وسط مدينة بئر خادم والذي يُعد من أقدم الأحياء القصديرية بالمنطقة، حيث يعود تواجده إلى العشرية السوداء، من خلال حديثنا مع بعض قاطنيه الذين وصفوا لنا الظروف القاسية التي يعيشونها منذ سنوات نظراً للغياب التام لأبسط مرافق العيش الكريم. الأمر الذي جعل العائلات القاطنة هناك تطالب في العديد من المرات والي العاصمة عبد القادر زوخ بانتشالهم من الوضع المزري الذي يعيشونه لسنوات طويلة مثلهم مثل الأحياء التي استطاعت سلطات ولاية الجزائر إزالتها في فترة وجيزة. هذا وأشار سكان الحي الفوضوي "سيدي مبارك" إلى الغياب التام للتهيئة الخارجية، حيث الطرقات تشهد وضعية كارثية صعبت من تنقلات قاطنيه في فصل الشتاء، حيث بمجرد تهاطل الأمطار حتى تتحول الطرقات إلى مجاري مائية يستحيل العبور فيها، أما قنوات الصرف الصحي التي تنفجر في كل زاوية نظرا لاهترائها أو لانعدامها في العديد من الأكواخ حيث اتخذت الفضلات والمياه القذرة من الطرقات والمسالك مجرى لها الأمر الذي ينبئ بكارثة صحية في حق السكان الذي يتركون أطفالهم يلعبون أمامها لأنهم لا يمكلون ولا مساحة للعب، وبالنسبة للحنفيات فهي تجف لشهور بسبب الربط العشوائي لشبكة المياه مما يجبر السكان على جلب المياه بالطرق التقليدية مثل اقتناء الصهاريج بأموالهم الخاصة أو نقل الدلاء من الأحياء المجاورة، وفيما يخص مادة الغاز الطبيعي المنعدم لأسباب وقائية بحكم أن منازلهم عبارة عن أكواخ وأسقف من صفيح لا يمكن ربطه بشبكة غاز المدينة الأمر الذي تركهم يدخلون في رحلة البحث عن قارورات غاز البوتان التي يتكبدون عناء البحث عنها في كل مرة، وعن الربط العشوائي لأسلاك الكهرباء أكد السكان أنهم قاموا بجلب كابل من العمود الكهربائي بعد أن رفضت مؤسسة سونلغاز تزويدهم بهذه الخدمة لأنهم قاطنون بالمنطقة بشكل فوضوي وفي الفترة المسائية يدخل الحي في ظلام دامس بعد الغياب الشبه التام للإنارة العمومية مما يشجع على انتشار الاعتداءات والسرقات الأمر الذي ضاعف معاناتهم. وهي الوضعية التي يعيشها سكان الأحياء الفوضوية بالمقاطعة الإدارية لبئر مراد رايس والذين ينتظرون الترحيل بفارغ الصبر لإنهاء معاناتهم التي طال أمدها وهم يأملون في تحقيق الوعود التي أطلقها المسؤولون بالمقاطعة على الواقع وانتشالهم في الواقع المر الذي لازمهم لأكثر من 20 سنة بالنسبة للبعض.