مثلت جملة المواقف الدولية الأخيرة ضربة موجعة للثورة السورية، ومنها التصريحات المتعاقبة التي اشارت إلى أن إزاحة الأسد لم تعد أولوية للإدارة الأمريكية. التمهيد للمواقف المغايرة جاء من المتحدث باسم البيت الأبيض، تلته تصريحات السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة التي حاولت المصادر الأخرى التخفيف من حدتها، بالإضافة الى وزير الخارجية الأمريكي في قوله ان مصير الأسد يقرره "الشعب السوري"! كما تابعنا تصريحات ألمانية وفرنسية تصب في نفس الاتجاه وهي تدعو صراحة الى انه لا بديل من التعامل مع الشيطان، للوصول الى حل لوقف حمامات الدم المستمرة التي سببتها سياساته وممارساته المسئولة عن مقتل أكثر من 300 ألف مواطن سوري، واعتقال وتعذيب الآلاف وتدمير البلاد وتهجير الملايين. لكن من المواقف الرافضة التي تستحق الإشادة تلك التي يطرحها السناتور الجمهوري جون ماكين في أكثر من مناسبة، وهو صرح تعليقا على التسريبات الرسمية بأن الشعب السوري لا يمكنه تحديد مصير الأسد أو مستقبل بلاده "في الوقت الذي يذبح فيه السوريون عبر براميل الأسد المتفجرة وطائرات بوتين وإرهابيي إيران". السناتور ماكين يعد من أبرز صقور الحزب الجمهوري، سافر قبل مدة إلى شمال سوريا واجتمع بالمسؤولين في القوات الأمريكية، التي تقدم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية في قتالها ضد تنظيم داعش. وهو دعا إدارة الرئيس الحالي ترامب إلى وضع استراتيجية جديدة لحل النزاع في سوريا وموقف امريكي عسكري قوي وحاسم. التخلي عن الثورة السورية يأتي اليوم تحت عنوان "اليوم التالي" من رحيل الاسد؟ والحديث يأخذ منحنى اخر لا يستهدف بناء دولة موحدة، بل يدور حول وصول الجماعات المتطرفة والارهابية الى السلطة في مناطق معينة، وتمكن الجماعات الموالية لطهران والمدعومة من موسكو من مناطق اخرى، يقابله التخلي الدولي عن دعم قوى المعارضة المعتدلة وتمكينها. فهل تكون المرحلة القادمة بداية الدخول في سيناريو صناعة كانتونات في المنطقة لكل منها عنوانها الطائفى: دولة سنية، وأخرى شيعية، ودولة كردية، وأخرى علوية، ويكون الخاسر الأكبر الوطن والانسان في سوريا التي كانت يوما ما دولة موحدة.