مقدمة: شهدت السنوات الأخيرة تغيرات عالمية سريعة ومتلاحقة وعميقة في آثارها وتوجهاتها المستقبلية، فلقد تحول الاقتصاد العالمي إلى قرية صغيرة متنافسة الأطراف بفعل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية وتوسعت مجالات المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية، وفي عالم تسوده المنافسة الشديدة أثر ذلك على المؤسسات الاقتصادية بصفة عامة، حيث عرفت هذه الأخيرة تطورات كبيرة في بيئتها الاقتصادية والتكنولوجية، كما تلاشت الحواجز السياسية، الجغرافية، الثقافية والاقتصادية بين الدول وتقاربت الأسواق، وبالتالي ازدادت التحديات التي تواجه المؤسسات الاقتصادية في ظل هذه التطورات. والذكاء الاقتصادي هو من بين الوسائل الضرورية لتأهيل المؤسسات الاقتصادية، وتحقيق التنمية الاقتصادية في جميع المستويات. لذلك أصبح من بين المواضيع التي تشغل اهتمام الدول والمؤسسات على حد سواء. كل هذه الحتميات أدت إلى بروز فكرة الذكاء الاقتصادي الذي ما فتئت تبرز ضرورته على كافة الأصعدة، والذي يرتكز في الأساس الأول على سبل تحصيل المعلومة والتحكم فيها . أدوات تجسيد الذكاء الاقتصادي: ترتكز أدوات تجسيد الذكاء الاقتصادي حول التقنيات المتخذة، فتطبيق الذكاء الاقتصادي لا يمكن أن يكون ممكناً في إطار واسع دون التجهيز بوسائل الإعلام الضرورية، كشراء المعدات والبرمجيات المتطورة، كما يستوجب الدعم المالي. لذلك فإن أشخاص المؤسسة المعنين بثقافة الذكاء الاقتصادي، عليهم أن يتمتعوا بفضولية ثقافية عالية، والقدرة على العمل في شكل فريق متعدد الاختصاص وفي شكل مشروع مع قدرة كبيرة على الاتصال. كما يستوجب على المؤسسة أن تقوم بتطوير سياسة الموارد البشرية، من خلال فرض ثقافة الذكاء الاقتصادي عن طريق معرفة وظائفه في مدونة المؤسسة، مع تبني نظام المرتبات الذي يحفز الكفاءات، و تقسيم المعارف، علاوة على معرفة المبادرات المبدعة والمجددة. ضرورة الذكاء الاقتصادي: إن التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم حالياً في ظل مناخ يتسم بالتنافسية الاقتصادية، ويعتمد على استخدام المعلومة التي أصبح لها دوراً كبيراً. فالمجتمعات والمؤسسات التي تتحكم في المعلومات وتحسن إدارتها هي التي نجحت في فرض نفسها على المستوى الإقليمي والدولي. يحتل الذكاء الاقتصادي مكانة مرموقة في أنشطة الدول والحكومات والأفراد. هذه الطريقة المبتكرة التي اعتمدها اليابانيون للجمع بين الوسائل العامة والخاصة خدمة للاقتصاد المحلي والتي عمل بها الفرنسيون والأمريكيون ونجحوا في ذلك. فالذكاء الاقتصادي هو تلك المجموعة المنسقة من نشاطات البحث، المعالجة، النشر وحماية المعلومة الاستراتيجية، تشترك في إقامتها الدولة والمؤسسات والهيئات المختلفة حيث تمتد المعلومة في بعدها الاستراتيجي إلى المجال التنافسي، العلمي، التكنولوجي، القانوني، الجيوسياسي... إلخ. كما يعطي نظام الذكاء الاقتصادي والاستراتيجي مجموعة نشاطات اليقظة والإنذار المبكر، الدراسة والتلخيص، التأثير والتأثير المضاد لصالح الأعوان الخواص والعموميين. والهدف من ذلك هو حماية التراث الوطني وخاصة في بعديه الصناعي والتكنولوجي وهذا عن طريق بيان مختلف أدوات الذكاء الاقتصادي. بات من الضروري البحث عن الوسائل الملائمة لاكتساب مزايا تنافسية وتدعيم الحصص السوقية، مما يتطلب قفزة نوعية في الانتقال من اقتصاد الكم إلى اقتصاد النوع، لا سيما الاقتصاد المعتمد على المعرفة، الذي أصبح ضرورة حتمية لتطوير أداء و فاعلية المؤسسات.