تشهد الأحزاب السياسية مند الانتخابات التشريعية حالة من الركود والجمود كسبات القبور، فلم تُقدم أي موقف أو رأي حول ما يحدث في الساحة الوطنية، خصوصا بعد الظهور للعلن الصراع بين رجال السلطة ورجال المال الفاسد، عقب إعلان الحكومة سياستها الرامية لفصل المال عن السياسة، وإبعاد رجال المال عن التخلاط والاصطياد في المياه العكرة تحت قبعة دعم الاقتصاد الوطني والاستثمار، فأصبحت الأحزاب جسدا بلا روح تظهر وقت المناسبات الانتخابية لدخول قبة البرلمان ببارونات التهريب ومافيا الفساد، وهنا نطرح التساؤل هل الأحزاب السياسية على درجة من الوعي بهذه المرحلة وماهو قادم؟ وهل يُمكن ممارسة السياسة في غياب برامج وأهداف مواقف؟ لماذا تلوم بعض الأحزاب السلطة بعدم إشراكها ولا تلوم نفسها عندما تُظهر للرأي العام أنها حقا نائمة في سبات عميق فلم تُدافع عن قرارات السلطة، ولم تُقدم برامجها المعارضة ولم تصنع رأيا. شهدت الساحة الوطنية مؤخرا تراشقات وصراعات بين الحكومة ورجال المال، وشهدت معها غياب تام لدور الأحزاب السياسية التي لم تعط رأيها أو تتدخل إلا في قليل المرات منها الذي يعد على الأصابع ولم تقدم حلولا للأزمة ولا دعمها لطرف مُعين وكأن ما يحدث في الجزائر لا يعنيها، وهو ما يُظهر حيادها عن مبادئها ودورها، ماجعلها تفقد ثقة المواطن، وبعبارة أخرى حدث الطلاق بالثلاث بين الشعب وهذه الأحزاب، وأصبحت بلا مشروع سياسي ولا برنامج تنموي، ولا نظرة استشرافية إستراتيجية لمستقبل البلاد، وأصبحت حًزيبات مجهرية تطفو على الساحة السياسية تظهر وقت الاستحقاقات لتُقدم لنا مجالس منتخبة متكونة من مافيا الفساد وبارونات المخدرات الذين دخلوا القوائم بأموالهم التي جلبوها بطرق ملتوية وأصبحوا الأمرين والناهين في هذه الأحزاب. أظهر صراع تبون وحداد للعلن جُمود الأحزاب التي أسستها أسماء انشقت معظمها من تيارات معروفة والتي اتهمت بعض الأطراف في السلطة بالسعي منذ سنة 2004 إلى تقزيمها وإفراغها من محتواها، لتتوجه إلى النوم والجمود أكثر من ما كانت عليه قبل فتح المجال السياسي أمام تأسيس الأحزاب، تاركة السلطة وحيدة وبدون سند فعلي في مواجهة الأزمة الاقتصادية وسط تزايد المخاوف من انهيار القدرة الشرائية للمواطن، في ظل محاولة بعض الأطراف تحريك الجبهة الداخلية، زيادة على الوضع الإقليمي المتوتر أمنيا وسياسيا لبعض الدول المجاورة وانعكاساته السلبية على الأمن القومي الجزائري. هذا الجمود والصمت جعل متتبعي الشأن الداخلي يؤكدون أن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من سكوت هذه الأحزاب التي هي اليوم مُجبرة على المشاركة في تشكيل رأي عام يكون في خدمة ومصلحة البلاد، وأصبحت مُلزمة أكثر من أي وقت مضى بالتحلي بثقافة المشاركة في حل الأزمات وتقديم الحلول والبدائل، والابتعاد الصمت المُحير، الذي يُعمق الرداءة ويزيد الواقع أكثر بؤسا وتعفنا، ولهذا وجب عليها خدمة الصالح العام بعيدا عن المصالح الشخصية الضيقة.