جسّدت وزارة التربية الوطنية تهديداتها وشرعت أمس في تطبيق الإجراءات الإدارية المتعلقة بفصل الأساتذة المضربين، بعد رفض الأخيرين الإلتحاق بمناصب عملهم، وكانت البداية بولاية البليدة التي عرفت عزل وإستخلاف 578 أستاذا مُضربا في الأطوار التعليمية الثلاثة، على أن يمس الإجراء في الأيام القليلة القادمة نظرائهم في ولاية بجاية، وآخرين بعديد الولايات ممن أقدموا على إضرابات تضامنية مع زملائهم في الولايتين السابقتي الذكر. بدأت مديرية التربية بولاية البليدة، صباح أمس وبناء على تعليمات مباشرة من نورية بن غبريط، وزيرة التربية الوطنية، عملية إرسال قرارات العزل الصادرة في حق الأساتذة المضربين، وفقا لما يوضحه مقرر عزل أحد الأساتذة المعنيين على سبيل المثال لا الحصر تحوز "السلام" نسخة منه، وذلك تطبيقا لنص القانون 03/06 المؤرخ في 19 جوان 2006، المتضمن للقانون الأساسي للوظيف العمومي لا سيما المادة 184، عقب قرار المحكمة الإدارية لولاية البليدة القاضي بعدم شرعية الإضراب الذي يشنّه أساتذة المجلس الوطني لمستخدمي التدريس ثلاثي الأطوار "الكناباست" منذ ثلاثة أشهر، ومس الإجراء 545 أستاذا في الطور الثانوي، و32 في المتوسط، وأستاذة واحدة في الطور الابتدائي، ينشطون مجتمعين على مستوى 29 مؤسسة تعليمية في الأطوار الثلاثة، موازاة مع ذلك تجري عملية تسليم مقررات التعيين للأساتذة المستخلفين الذين تمت الإستعانة بهم من القوائم الإحتياطية. هذا وتلقى الأساتذة المضربون المنضوون تحت لواء نقابة "الكناباست" إنذارين من وزارة التربية عن طريق مديريات التربية التابعين لها قبل الفصل النهائي من منصب العمل، الأول وصلهم في 10 جانفي الماضي، والثاني في ال 17 من نفس الشهر، وذلك بعد صدور قرار محكمة البليدة القاضي بعدم شرعية الإضراب في ال 11 ديسمبر 2017. في السياق ذاته خرج صباح أمس العشرات من التلاميذ في مدينة البليدة إلى الشارع في مسيرات سلمية يطالبون فيها الأساتذة بتوقيف الإضراب والعودة إلى المؤسسات التعليمية ومحاولة استدراك التأخير الفادح الذي سببه الإضراب الذي بات يلوح ببوادر السنة البيضاء رغم تطمينات الوزارة التي إستبعدت هذه الفرضية. ويعتبر قرار الفصل الذي مس 578 أستاذا بولاية البليدة رسالة مباشرة من المسؤولة الأولى على قطاع التربية في البلاد، لباقي الأساتذة المضربين في ولاية بجاية الذين من المرتقب أن يلقوا نفس المصير خلال الأيام القليلة القادمة، إلاّ في حال تمردهم على نقابتهم وعدولهم عن قرار الإضراب، حالهم حال آخرين بعديد الولايات ممن أقدموا على إضرابات تضامنية مع زملائهم في الولايتين السابقتي الذكر. في المقابل نفى مسعود بوديبة، المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار، في تصريحات ل "السلام" منع الأساتذة المضربين من دخول المؤسسات التي يعملون فيها، مؤكدا أن الأمور جد عادية والإضراب مستمر، مؤكدا في هذا الصدد أن "الكناباست" لم تتلق أي إشعار بتدخل القوات العمومية لمنع الأساتذة المضربين من الالتحاق بمؤسساتهم. كما تحدى المتحدث، الوزارة وأكد عدم قدرة مديرية التربية في ولاية البليدة على إستخلاف كل الأساتذة المضربين وعودة الدراسة بشكل عادي في ظل رفض تلاميذ الأطوار النهائية الالتحاق بمقاعد الدراسة وتمسكهم بأساتذتهم هذا من جهة، وإن الأساتذة المستخلفين ليس لديهم القدرة على تدريس الأقسام النهاية لعدم تحكمهم في المناهج الجديدة المعتمدة من قبل وزارة التربية من جهة أخرى. وعلى ضوء ما سبق ذكره أكد خالد أحمد، رئيس جمعية أولياء التلاميذ، دعمه لقرارات وزيرة التربية الوطنية، بشأن إضراب "الكناباست"، معلنا عن رفع جمعيته دعوى قضائية ضد الأخيرة، وأشار خلال نزوله ضيفا أمس على منتدى جريدة "المجاهد"، إلى أن جمعيته حاولت التوسط بين فرعي النقابة السالفة الذكر بولايتي البليدةوبجاية، ومديريتي التربية المحلية لكنها فشلت في الوصول إلى حل، مستغربا إتخاذ قرار الإضراب الوطني بسبب مشاكل في ولايتين فقط، تحت حجة التضامن مع هذين الفرعين من نقابة واحدة، متسائلا في هذا الصدد "في أي قاموس بالعالم موجود هذا النوع من الإضراب الوطني؟"، داعيا في هذا الصدد الأساتذة المضربين إلى الوقف الفوري لحركتهم الاحتجاجية والعودة للعمل حفاظا على حق التلاميذ في التمدرس واحتراما لقرار العدالة التي أقرت بعدم شرعية الإضراب وضرورة عودة الأساتذة لمناصب عملهم، وأكد المتحدث أن الإضراب المفتوح الذي دعا اليه المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس لقطاع ثلاثي الأطوار للتربية،يتطلب معالجته بطرق "حضارية " مع ضرورة مراعاة الظروف الإقتصادية التي تعيشها البلاد، متسائلا عن مصير التلاميذ لا سيما المقبلين منهم على اجتياز امتحانات البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، مشيرا إلى أن هذا الإضراب يحمل في طياته "خلفيات سياسية".
الأمين العام ل "الآفانتيو" يشدد على وقف الإضراب ويدعو لإسقاط هذا الحق من الدستور من جانبه شدد فرحات شابخ، الأمين العام للإتحادية الوطنية لعمال التربية، على ضرورة العدول عن الإضرابات التي طال أمدها، وأبرز خلال ندوة صحفية للنقابات الموقعة على ميثاق أخلاقيات المهنة، أنّه يجب إيقاف الإضراب، وأضاف بأنّه لا يتكلّم عن النقابات الأخرى، مؤكّدا بأنّ الإتحادية ملتزمة بقوانين الجمهورية، وقال في هذا الشأن "يجدر بنا اليوم نزع حق الإضراب من الدستور حتى تصبح الأمور طبيعية".