يطرح مشكل نقص وسائل التدخل وقلة آليات إزاحة الثلوج نفسه بحدة بإقليم تيزي وزو، نظرا للحجم الكبير من الثلوج التي تتساقط بالمنطقة كل سنة وتعتبر جهة تيزي وزو من المناطق التي تشهد أكبر التساقطات بالجزائر، الأمر الذي يدعو الوزارات المعنية لتزويد المنطقة بأسطول مؤهل لفك العزلة عن المواطنين القرويين، بالإضافة إلى إجبار رؤساء البلديات باقتناء هذه الوسائل لفتح طرق ومسالك من انتخبوا عليهم وإنقاذهم من الموت في الوقت المناسب، حيث تعتبر جهة تيزي وزو من الجهات التي يعيش سكانها القرويون محنة حقيقية مع البرد والصقيع وتساقط الثلوج. ورغم هذه الظروف المأساوية والمعاناة التي يتكبدها سكان ولاية تيزي وزو إلا أن الطبقة السياسية في الولاية لم تبد أي تدخل من أجل مساعدة السكان المنكوبين والمتضررين من هذه الأزمة التي تمر بها مختلف المناطق، حيث تسعى الجمعيات الخيرية الناشطة عبر إقليم الولاية إلى تزويد المواطنين بالمؤونة اللازمة وذلك بعد نفاد المواد الغذائية الضرورية في المحلات التجارية، نقص وسائل التدخل يؤرق منكوبي الولاية وبالرغم من ذلك لا تتوفر الجهة على أسطول قادر للتدخل بسرعة في حال وقوع التقلبات الجوية التي تشل الحركة الاقتصادية، فينتظر السكان أن تمن عليهم الجهات الوصية بكاسحات أو جرافات لفتح الطرق إن وجدت وإن غابت فسيكون مصيرهم الانتظار حتى تفتح الطرق الوطنية الكبرى التي تعتبر شرايين الاقتصاد وبعدها الشبكة الجهوية، تليها الطرق الإقليمية وغير المصنفة ويضطر مواطنو تيزي وزو والقرى، التي تنعدم فيها الطرق المبلطة الانتظار، وقد يستمر وضع الحصار لأسابيع إذا ما استمرت الثلوج في التساقط. وكشفت التقلبات الجوية الأخيرة التي تميزت بتساقط الثلوج بكميات كبيرة هذه السنة عن حصار كارثي، تسبب في معاناة كبيرة لجل المداشر الجبلية والقرى التي لا تتوفر على شبكة طرقية، حيث أصبحت الكثير من العائلات في عزلة حقيقية قابعة في أماكنها رفقة مواشيها تترقب من يوم إلى آخر تحسن المناخ، وانتظار ذوبان الثلوج للتمكن من التنقل لقضاء حاجياتهم اليومية من الأسواق المجاورة، ومن الصعب العيش في منطقة تيزي وزو في فصل الشتاء يقول أحد أهالي المنطقة في تصريح للسلام، في ظل اشتداد موجة البرد وانخفاض درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر، حيث يواجه السكان هنا معاناة حقيقية في هذا الفصل تفرضها العزلة وانعدام مرافق الحياة.مناطق شديدة البرودةوتعتبر هذه المنطقة النائية من بين المناطق شديدة البرودة في التراب الوطني، لأن مقياس الحرارة بها لايتعدى درجة الصفر في أغلب أيام فصل الشتاء. وبالتالي يواجه السكان بردا قارسا لايجري توديعه إلا عند حلول الربيع بعد عناء وتعب وتحمّل قساوة الطبيعة بتضاريسها الصعبة ومناخها البارد. »لم نكن نتوقع توقعات هذه السنة»، يضيف الشاب سفيان أين تزامنت والتقلبات الجوية الأخيرة، وتزداد هذه المعاناة حدة وقساوة بتساقط الأمطار والثلوج التي تساهم في عزل السكان وقطع الطرق، التي تسد مسالكها فيضطر البعض لتذويب الثلج، وجلب مياه الأمطار لاستهلاكها، فالعيش في جرجرة يعتبر قاسيا في فصل الشتاء، وتحمل ضريبة العيش به طيلة هذه الفترة صعب للغاية أمام العزلة الكبيرة والحرمان من الكثير من الخدمات بداية بالخدمات الصحية والتعليمية، والخوف من كل تقلب جوي قد يخلف خسائر في المواشي، وفي بعض الأحيان قد يعصف بأرواح بشرية وخصوصا الأطفال والمسنين والمرضى. وأوضح سفيان أن السيارات والشاحنات لا يمكنها السير لانعدام الطرق ومسالك لائقة. وكذلك الأمر للدواب ما يستدعي الانتظار والتريث لعدة أيام أو أسابيع، وقد يصل الأمر إلى شهر في بعض الأحيان فينقطع التموين وتصبح المجاعة والمرض سيد الموقف بحرمانهم من مختلف المواد التي يحتاجونها بما في ذلك قارورات الغاز ومختلف المواد الغذائية الأساسية كما يتوقف التلاميذ عن الدراسة. مشيرا إلى أنه في حال وفاة أحد أفراد العائلة فإنهم مجبرون على دفنه أمامهم لاستحالة نقله، وكذلك الشأن للمرضى والنساء الحوامل اللواتي يتعذر نقلهن لغياب وسيلة نقل قادرة على اختراق الثلج والجليد ومواجهة مخلفات قساوة الطبيعة.رجال التعليم في الواجهة أعادت موجة البرد والصقيع والزوابع الثلجية التي ضربت تيزي وزو، للواجهة صفحة جديدة من المعاناة والتهميش، التي طالت شريحة أخرى من المواطنين يعيشون في الظروف نفسها، أسرة التعليم بهذه المنطقة ذات التضاريس الوعرة والمناخ القاسي نموذج حي لما تعيشه من متاعب وهي تقوم بمهمة التدريس بأعلى المدارس بحيث تتموقع بعلو أكثر من ألفي متر على سطح البحر، »نكابد الأمرين في سبيل القيام بمهامنا في ظل ظروف غير ملائمة، شأننا في ذلك شأن سكان المناطق المعزولة على أمرها»، يقول أستاد تعليم ل»السلام «..»القواسم مشتركة لأن الجميع يعيش في نفس البيئة« ويسترسل قائلا »لقضاء حاجياتي أضطر في أحسن الأحوال لإيجاد نفسي مكانا في إحدى الشاحنات المهترئة التي يتساوى فيها بني البشر ببني الحيوان، وتبتدأ المعاناة مع المنعرجات وطول المسافة التي تصل إلى 90 كلم تقريبا تكاد الطريق أن لا تنتهي، حيث تتربص بك الموت في أي لحظة (الله يستر) لا إنارة بالمدارس ولا بالمداشر يقول أستاذ بأحد المدارس ببني دوالة، إذ يلجأ المعلم إلى الوسائل التقليدية من شموع وقنينات غاز فضلا عن انعدام المياه الصالحة للشرب، ولسد الحاجيات يضطر رجال التعليم لقطع مسافات طويلة لجلب مياه بديلة غير معالجة، بالإضافة إلى حرمان المدارس من الشبكة الهاتفية التي تزيد من عزلة المقيمين بالمنطقة. بنية جغرافية ومناخية قاسيةإن البنية الجغرافية والمناخية القاسية تزيد من تعقيد مهمة التدريس يسترسل معلم آخر خاصة في فصل الصقيع، إذ يصل الحصار الطبيعي بفعل الثلوج على هذه البقاع إلى أكثر من ثلاثة أشهر، يكون رجل التعليم مضطرا للعيش على البطاطس لسد رمقه، مشاكل يستعصي حلها ومواجهتها يضيف ذات المصدر، بحكم الغياب شبه التام للإمكانات والتحفيزات لصد قساوة الطبيعة، ولعل أهم هذه المصاعب إشكال التنقل الذي يكون في حال تساقط الثلوج مستحيلا «فنقبع في أماكننا، فإن كنا في مقرات عملنا بالمداشر استقررنا هناك وقد يدوم ذلك شهرا أو شهرين.»نتا وزهرك»، وإن كنا بمنازل ذوينا في العطل أو أثناء التسويق ننتظر حتى تذوب الثلوج وتفتح الطرق والمسالك، لنعود إلى عملنا بواسطة الشاحنات وأحيانا حسب معاينة ميدانية لهول هذه المعاناة يتوجب على رجل التعليم السير على الأقدام لمسافات طويلة قد تفوق 10 كلم (صدق أو لاتصدق) يضيف آخر. كذلك يعرف المعلمون بهذه المنطقة نقصا في التدفئة التي تعتبر من ضروريات الحياة اليومية والتي لايمكن الإستغناء عنها أبدا، دون نسيان مشكل المؤونة إذ لا يوجد بالمداشر محلات لبيع المواد المعيشية، وإن وجدت في الدواوير الأخرى والتي تبعد بعشرات الكيلومترات، فإنها لا تفتح أبوابها بانتظام التدريس بهذه المناطق القاسية صعب.إهمال واضح للمناطق الباردةعند حلول كل موسم البرد وكالمعتاد يقول أحمد أحد سكان عين الحمام إلى جانب جل مدن وقرى تيزي وزو، يستعدون لتلقي ضربات موجعة من البرد والجليد، إذ أن المواطنين وخصوصا القرويين تلحقهم أضرار بليغة بسبب الثلوج التي ساهمت في انهيار المنازل وخسائر في الماشية والدواجن بسبب الصقيع ودرجة البرودة القصوى التي تصل إلى خمس درجات تحت الصفر نهارا، وسبع درجة في الظل، ويقول أحمد إن منطقة عين الحمام تتواجد على ارتفاع 1200 متر على سطح البحر، الأمر الذي جعلها تعرف كل سنة تساقطات ثلجية كبيرة وموجة برد قارس، وعبر ذات المصدر عن قلقه العميق جراء الإهمال الذي أصاب منطقته لأن مشاكلها تتزايد في ظل الصمت وجمود إرادة المنتخبين في حل المشاكل المرتبطة بالشأن العام المحلي، وبالرغم من أن المجتمع المدني احتج بشدة على بعض التلاعبات في المال العام تعبيرا من السكان عن المعاناة التي تعرفها المنطقة، لا زال الإهمال سيد الموقف. ووفق ما أكده أحمد أن منطقته بالرغم من أنها تعتبر من أغنى المناطق بتيزي وزو فهي لا زالت تعيش تهميشا فضيعا والدليل غياب أي مجهود من المنتخبين لمساعدة ناخبيهم بتوفير آليات إزاحة الثلوج لفك العزلة عن الدواوير في الأيام العصيبة، عوض صرف مال الجماعة في مشاريع غير ذات أولوية، وكان من المفروض أيضا على حد تعبير المصدر ذاته العمل على توفير كل الإمكانات الأزمة. الولاية تعيش أسوأ أيامها بسبب الثلوج الكثيفة تسببت موجة البرد المصحوبة بالبرد والثلوج الكثيفة التي اكتست مختلف بلديات ودوائر ولاية تيزي وزو، في مشاكل جمة للمواطنين تتمثل خصوصا في عزلهم عن العالم الخارجي وذلك بعد غلق جميع المسالك الداخلية للقرى، نتيجة وعورة الوصول إليها خاصة المتواجدة في الأعالي الجبلية على غرار منطقة تيروردة التي تعد من أبرز المناطق المتضررة من الثلوج، والذي بلغ سمكه نحو ثلاثة أمتار حسب شهادة المواطنين الذين لا يزالون يعانون إلى غاية اليوم من انقطاع للتيار الكهربائي منذ بداية الأزمة، وقد قام سكان هذه المنطقة التي تقع في أعالي جبال عين الحمام بحملة تضامنية واسعة لإزالة الثلوج عن الطريق على مسافة تتعدى 3 كلم، وفي بلدية آيت زكي في دائرة بوزقان قام المواطنون بعملية احتجاجية، حيث أقدموا على غلق مقر البلدية وذلك تنديدا بما أسموه بالإهمال واللاّمبالاة من طرف السلطات المحلية في البلدية التي لم تقم حسبهم بواجبها تجاههم لفك الحصار المفروض عليهم منذ عدة أيام، حيث لا تزال قريتان بهذه البلدية التي تبعد عن عاصمة الولاية بنحو 70 كلم في حالة خناق بسبب عدم تمكنهم من إزالة الثلوج المتراكمة في الطرقات، رغم أن ولاية تيزي وزو استنجدت بحوالي 41 آلة كاسحات للثلوج وجرافات من مختلف ولايات الوطن مثل ولاية وهران، مستغانم، الشلف، معسكر وغيرها إلاّ أن الوضع يعرف تأزما، حيث لا تزال إلى حد الآن نحو سبع بلديات محاصرة بالثلوج وزاد الإنقطاع للتيار الكهربائي تأزما إذ أحصت مديرية سونلغاز 550 عائلة في كل من قرية آيت سعادة ببلدية تادمايت وقرية مخلف في سيدي نعمان بدون تيار كهربائي، بالإضافة إلى قرى آيت شافع وبلدية ماكودة التي لا تزال تعاني من انقطاع للتيار الكهربائي وهذا بعد سقوط عدد من الأعمدة الكهربائية، وعجز مصالح سونلغاز عن إعادتها إلى مواضعها الطبيعية رغم مرور أزيد عن عشرة أيام عن الإضطرابات الجوية، وقد بررت ذات المصالح عجزها عن إعادة الأعمدة إلى مواضعها إلى وعورة التضاريس في هذه المناطق السالفة الذكر. أعوان الأمن في حالة طوارئ مدعمين بوحدات الجيشومن جهتهم قام أعوان مصالح أمن ولاية تيزي وزو بالتنسيق مع مختلف وحدات الجيش الوطني الشعبي بعدة تدخلات ميدانية، وذلك بتسخير كل الإمكانات اللاّزمة من مختلف العتاد المتوفر لديها والتدخل لإجلاء المواطنين المتضررين وفك العزلة عن السكان، حيث قامت بفتح الطريق الرابط بين مدينة تيزي وزو ومنطقة رجاونة خاصة في شطره المؤدي إلى مستشفى سيدي بالوى وذلك لفك الخناق عن المرضى، كما قاموا بتأمين شاحنات لنقل قارورات غاز البوتان نحو عدة مناطق من بينها دائرة الأربعاء ناث إيراثن ومقلع وكذا رجاونة في بلدية تيزي وزو وغيرها، وفي نفس السياققامت ذات المصالح بتزويد المواطنين بالمؤونة المتمثلة خصوصا في الأغطية وتوفير وجبات ساخنة لعابري السبيل، هذا ولا تزال التدخلات متواصلة إلى غاية الإعلان عن تحسن حالة الطقس. مصالح الحماية المدنية تسجل عدة منكوبين وضحاياوفي سياق ذي صلة سجلت مصالح الحماية المدنية حوالي 60 حالة كسر نتيجة الإنزلاقات كما تمكنت من إنقاذ شاب من موت محقق في دائرة عين الحمام عاش عدة ساعات تحت الثلوج، بالإضافة إلى تسجيل عدة عائلات منكوبة وذلك بعد انهيار مساكنها الهشة في عدة بلديات من بينها بلدية ذراع الميزان وبلدية ماكودة وكذا دائرة بوزقان، حيث أن آخر حالة تم تسجيلها كانت مساء أمس على مستوى بلدية تيقزيرت بعد انهيار مسكنين في قرية إقار سلان رغم أن أحدهما شيد حديثا، إذ وجد 18 فردا من بينهم رضيعين لم يبلغا بعد ستة أشهر أنفسهم دون مأوى وفي دائرة بوزقان الواقعة على بعد حوالي 40 كلم شرق الولاية، تم تسجيل انهيار إكمالية ومركز صحي نتيجة عدم تحملهما للكمية الهائلة من الثلوج. طوابير تصل إلى 2 كلم من أجل الظفر بقارورة غاز البوتانيواجه سكان مختلف المداشر والقرى المتواجدة خارج تغطية شبكة الغاز الطبيعي بولاية تيزي وزو منذ بداية الإضطرابات الجوية الراهنة والثلوج الكثيفة التي لا تزال تعصف بمختلف المناطق خاصة الجبلية منها، أزمة حادة في التزود بقارورات غاز البوتان رغم أن مصالح نفطال للولاية أكدت على توفر هذه المادة عبر كافة نقاط البيع، حيث صرح أحد المسؤولين بأن عدد قارورات الغاز القادمة من الولايات المجاورة وصل حدود 20 ألف قارورة أمام التزايد المستمر للطلبات، موجهة للتوزيع نحو نقاط البيع المختلفة المتواجدة على مستوى بلديات الولاية، إلاّ أن العجز يظل قائماوالطوابير الطويلة التي وصلت إلى أزيد عن 2 كلم في كل من بلدية فريحة ودائرة تيقزيرت يكشف الواقع، حيث صرح أحد السكان لجريدة «السلام» بأنهم يضطرون للمبيت أمام ذات المصالح لأزيد عن 24 ساعة متحدين قساوة البرد والجوع وذلك من أجل الظفر بقارورة غاز واحدة تكفيهم لساعات قليلة أمام لسعات البرد القارس، حيث اضطر أعوان الأمن إلى التدخل لتنظيم هذه الطوابير من أجل ضمان استفادة الجميع من هذه المادة. ورغم هذه الظروف المأساوية والمعاناة التي يتكبدها سكان ولاية تيزي وزو إلا أن الطبقة السياسية في الولاية لم تبد أي تدخل من أجل مساعدة السكان المنكوبين والمتضررين من هذه الأزمة التي تمر بها مختلف المناطق، حيث تسعى الجمعيات الخيرية الناشطة عبر إقليم الولاية إلى تزويد المواطنين بالمؤونة اللازمة وذلك بعد نفاد المواد الغذائية الضرورية في المحلات التجارية، بالإضافة إلى الغلاء الفاحش في الأسعار للخضر والفواكه التي بلغت حدا لا يطاق لأوّل مرة في تاريخ ولاية تيزي وزو التي تمر بأسوأ أيامها، منذ بداية الأزمة المتعلقة برداءة الأحوال الجوية المصحوبة بموجات البرد القارس والثلوج الكثيفة.