تعرف العديد من المؤسسات الإستشفائية إقبالا كبيرا للمرضى ممن يشتكون الالتهاب الرئوي أو التهاب القصبات الهوائية الذي يزداد تفشيه خلال فصل الشتاء لدرجة أن بعض الأطباء يصنفونه كوباء بالنظر إلى خطورته في حال عدم أخذ العلاج المناسب، حيث يعتبر الإنسداد الرئوي المزمن رابع سبب للوفيات في العالم ويتوقع أن يصبح خلال سنة 2020 سادس سبب. وعن هذا الالتهاب، أسبابه ومدى ارتباطه بالتقلبات الجوية والتغيرات الطارئة في درجة الحرارة، يفيد بلعربي طبيب عام أن 90 بالمئة من الحالات تكون عند المدخنين، حيث ينقسم المرض عامة إلى قسمين رئيسيين، أهمها الالتهاب الرئوي المزمن الذي يصيب القصبات الرئوية، حيث يزيد إفراز المادة المخاطية في الرئتين ما ينتج عنه حالات من السعال المتكرر، وعن هذا السعال يشير الدكتور أنه في حال تواصله لمدة شهرين متتاليين، فهنا تثبت أغلب التشخيصات بناء على الحالات التي مرت عليه عن الإصابة بالالتهاب الرئوي المزمن، فيما يوجد ما يعرف «بالتكيّس الرئوي» الذي يصيب الأكياس التي تنتهي بها القصبات الهوائية كونها المسؤولة عن نقل الدم من خلال الرئة، ولكن في حال مرض التكيّس تتمدد تلك الحويصلات وتفقد عملها في إيصال الأوكسجين إلى مختلف أنحاء الجسم. إن عوارض الالتهاب عادة ما تتداخل مع أعراض مرض الإنفلونزا مما يؤدي إلى تفاقم المرض دون أن يشعر الفرد بذلك، ومن أهم الأعراض التي تصاحب السعال المزمن يذكر بلعربي آلام في الصدر، خسارة في الوزن، إضافة إلى ضيق في التنفس وضعف العضلات بسبب عدم الحركة، علاوة عن احتمال حدوث ضعف في عضلة القلب، كما يؤكد المتحدث أن 40 بالمئة من حالات الالتهاب الرئوي يصابون بالكآبة. تغيرات الطقس وراء حالات التهاب القصبات الهوائية التهاب القصبات الهوائية في حد ذاته قد ينتقل من مجرد مرض إلى وباء، خاصة في ظل التقلبات الجوية بين ممطر ومعتدل وتذبذبات درجات الحرارة من يوم إلى آخر أو حتى في اليوم الواحد مما يخلق جوا مناسبا لانتشار الفيروسات المسؤولة عن تلك الالتهابات، يقول الطبيب في هذا الصدد: «إن انتقال الأفراد من مكان أو جو بارد إلى حار أو حتى من الحرارة إلى البرودة وحتى في حال توقيف أجهزة التدفئة ما ينتج عنه البرودة التي تشكل عاملا محفزا في التهابات القصبات الهوائية ومنه الإلتهاب الرئوي، ولكن لا يعني هذا أنه يجب أن نرفع من درجة الحرارة كثيرا، إذ يجب أن تبقى متوسطة في حدود 18 إلى 19 درجة مئوية».
الرضع أكثر الفئات إصابة تعتبر الإنتانات التنفسية الحادة التي يكون مكانها هو القصبات الهوائية أكثر ما يصيب الجهاز التنفسي السفلي وحتى العلوي من الأنف والحنجرة، هذا عند الفرد البالغ أما عند المولود الصغير وباعتبار أن جهازه التنفسي يكون صغيرا وضعيفا والقصبات الهوائية صغيرة ما يجعله مهيأ لانتقال المرض أكثر من غيره، وفي هذا الصدد يؤكد الطبيب أن الكثير من أخصائيي طب الأطفال يتخوفون من المضاعفات الناتجة عن التهابات القصبات الهوائية عند الرضع، يقول في هذا السياق: «الفئة الأكثر عرضة هم الأطفال لكون المناعة عندهم ضعيفة ما يسبب لهم نقصا في الوزن إضافة إلى الأمراض المزمنة من مشاكل تنفسية منذ الولادة». وعن عامل الجنس فيما يخص أعداد المصابين، يقول الطبيب أن الذكر أكثر إصابة من الأنثى، وذلك حسب دراسة أجريت سنة 2009 خلال فصلي الشتاء والخريف على أكثر من 70 رضيعا وجد أن 60 بالمئة منهم ذكور، ولكن لم يتم إيجاد تفسير علمي لكل ذلك، ولكنه يؤكد بالموازاة أنه لا يوجد فرق كبير في الإصابة بين الذكر والأنثى، كما تعتبر فئة الرضع الأقل من ستة أشهر وخاصة أصحاب الفترة العمرية بين 35 إلى 45 يوما أكثر المعرضين حسب الحالات التي تقصد العيادة، وكثيرا ما تعتقد الأمهات أن السبب يكمن في استهلاك الطفل للحليب الإصطناعي، وعن هذا يقول الدكتور أنه لا علاقة لهذا الحليب بالإصابة بالتهاب القصبات الهوائية لدى الرضيع، ولكن يبقى الحليب الطبيعي للأم أفضل. هذا وتجدر الإشارة أن هناك علاقة وطيدة بين صعود حموضة المعدة بصورة متكررة وبداية مشاكل في القصبات الهوائية الرئيسية، ولكن يجب أن نفرق بين السائل أو القيء المعدي البلعومي، لأن الأطفال قد يصابون بمشكلة الإرجاع والتهاب القصبات الهوائية. التلوث البيئي يعد من أهم العوامل التي تزيد في احتمال الاصابة عند الأطفال، خاصة عند الذين ينشأون في أماكن ملوثة، ومن أعراض المضاعفات التي يمكن أن تحدث، يذكر الطبيب وجود حالات الحمى، ضيق في التنفس بسبب وجود نوع من البكتيريا الخاصة المسماة «ليمانفولوس»، حيث أن 90 بالمئة من هذا الفيروس يسبب التهاب القصبات الهوائية، وعادة ما يتم التشخيص عن طريق أشعة الصدر لكون صعوبات التنفس تظهر بشكل وجود هواء في الصدر، وهنا لابد من توفير التنفس الاصطناعي، خاصة في حال كان المريض يعاني مما يعرف ب»النهجة» أو الضيق في التنفس، ما يجعل الفرد أزرق اللون بسبب انخفاض كمية الأوكسجين، وفي هذا الصدد يشرح الطبيب حالة ضيق التنفس قائلا: «القصبات الهوائية تنتفخ، ثم تنقص في الحجم فيحدث لها نوع من الانسداد الجزئي ما يعرقل سريان الأوكسجين فيها وهو يخلق مشاكل في التنفس، وفي حال لم يتم أخذ واتباع العلاج المناسب تحدث هناك مضاعفات أخطر». ولكن وبالمقابل، يطمئن بأنه ليس كل الحالات لها مضاعفات خطيرة، إذ توجد حالات يكتفي فيها المريض بالالتهاب بأخذ الأدوية، في الوقت الذي توجد فيه حالات أخرى تستدعي وجود الفرد داخل المستشفى لتلقي العناية الضرورة. العلاقة بين الالتهاب الرئوي وحالات الربو في إيضاحه لإمكانية تحول الإلتهاب الرئوي إلى حالة ربو، يؤكد الطبيب أنه في حال تكررت الإصابة أكثر من ثلاث مرات خلال عامين، هنا يمكن ان تكون حالة ربو في حال تم استثناء وإقصاء العديد من الأمراض الأخرى التي قد تتداخل في نفس الأعراض، وفقا لما يقتضيه تشخيص الطبيب، وعادة ما يكون «الصفير» أحد أعراض تحول الالتهاب الرئوي إلى ربو، ولكن لا يمكن التعميم. اللمس كاف بانتقال العدوى والتشخيص المبكر أهم عامل وقائي التهاب القصبات الهوائية تنتقل مباشرة باللمس من طفل إلى آخر، خاصة في الروضات والمدارس، وفي هذا الصدد ينصح الدكتور أنه لابد أن تحرص تلك الروضات على التنظيف الجيد للأدوات واللعب كل يوم إضافة الى ضرورة غسل الأيدي بصورة متكررة بغية الوقاية من احتمال انتقال العدوى إضافة الى التشخيص المبكر، يقول: «لا ننتظر حتى تتعقد الأعراض بل بمجرد ظهورها نلجأ الى الطبيب بغية تشخيص الحالة والحصول على العلاج المناسب»، هذا وأشار المتحدث إلى تجنب تقديم دواء السعال تلقائيا نظرا كلون مضادات السعال قد تكون خطيرة في حال تم أخذها دون استشارة الطبيب، كما أن المضادات الحيوية قلما يتم تقديمها. أما باقي طرق الوقاية فتكون عموما بغسل اليدين واجتناب التدخين، خاصة أمام الأطفال، إضافة إلى أنه لا يجب أن ندخل أطفالا أقل من ستة أشهر إلى الروضة، خاصة وأنه لا يوجد تطعيم خاص بالتهابات القصبات الهوائية وبالتالي لا تتكون مناعة ضد الفيروس المسبب لهذا المرض، إضافة إلى أن الرضاعات والمصاصات يجب أن تكون معقمة مع حسن اختيار الرضاعة التي تكون من الزجاج لتبقى الرضاعة الطبيعية واق جيد من الالتهابات، كما يجب أن نعلم الأطفال تطهير الأنف من خلال مادة مطهرة تباع في الصيدلية في حال وجود سيلان بالأنف، أما عن التدليك الطبي التنفسي، فيقول الطبيب بخصوصه أنه ليس له ضرورة في كل الحالات، إذ يكفي أخذ الدواء ضد السعال، وفي حال تطلب التدليك التنفسي، يجب أن يقوم به أخصائي في التدليك.