لقد رفع الإسلام مكانة المرأة وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه، فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله، فالمسلمة في طفولتها قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها. وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة التي يغار عليها وليها ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء ولا ألسنة بأذى ولا أعين بخيانة. وقال صلى الله عليه واله وسلم: »لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان، فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة«، وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله وميثاقه الغليظ، فتكون في بيت الزوج بأعز جوار وأمنع ذمار وواجب على زوجها إكرامها والإحسان إليها وكف الأذى عنها. وإذا كانت أماً كان برُّها مقروناً بحق الله -تعالى- وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله، والفساد في الأرض. قال -عز وجل-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً. -جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: »يا رسول الله من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك«. وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها وإكرامها والغيرة عليها. وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة. وإذا كانت جدة أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها وأحفادها وجميع أقاربها، فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسَفَّه لها رأي. وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وغض البصر ونحو ذلك. وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية، مما جعل للمرأة قيمة واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة. بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال. ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها ويحفظ كرامتها ويحميها من الألسنة البذيئة والأعين الغادرة والأيدي الباطشة، فأمرها بالحجاب والستر والبعد عن التبرج وعن الاختلاط بالرجال الأجانب وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها. ومن إكرام الإسلام لها: أن أمر الزوج بالإنفاق عليها وإحسان معاشرتها والحذر من ظلمها والإساءة إليها. كما أباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالماً لها، لأنها إنسان مكرم وليس حسن المعاشرة أمراً اختيارياً متروكاً للزوج إن شاء فعله وإن شاء تركه، بل هو تكليف واجب.