يعاني مرضى »اللوكيميا« من جملة من المشاكل التي جعلت الكثير منهم في رحلة ذهاب وإياب والانتظار المطّول أمام المصالح الاستشفائية إضافة إلى نقص بعض الأدوية الضرورية، لتبقى عملية التبرع بالدم ذات أهمية بالغة بالنسبة للمصابين بهذا المرض. هي مشاكل لمسناها عند الحديث مع أحد مرضى اللوكيميا والذي وجّه إلى مصلحة حقن الدم بمستشفى بني مسوس، حيث أكد لنا أن هناك من المرضى لاسيما من يعانون من مرض سيلان وابيضاض الدم من يموتون نتيجة نقص كمية الدم المتبرع به، أو نقص في الأدوية الأساسية ما يؤدي إلى تأخر في العلاج ومنه حدوث الوفاة. يوضح «مصطفاوي» طبيب مختص في أمراض العظام في تعريفه لمرض اللوكيميا أنه مرض مرتبط بالدم ويعرف ب»ابيضاض الدم» أين تكون الكريات الدموية البيضاء التي تنتج من النخاع العظمي مشوهة وعددها أكبر من الكريات الحمراء وتنتقل عن طريق الدم إلى مختلف الأعضاء. وعن أعراض هذا المرض يؤكد المتحدث أن هناك أعراضا ظاهرة، حيث يمكن أن يحمل الفرد عرضا واحدا، في حين يمكن أن يحمل أكثر من ذلك ومنها الإصابة بفقر الدم، وجود نزيف في الأنف والفم، نزيف عند المرأة،النزيف الجلدي وخصوصا الحمى، السعال وكثرة الالتهابات في الفم، ولكن أشار الطبيب أن فقر الدم المزمن لا يمكن أن يحدث بالضرورة إصابة بأحد أنواع اللوكيميا.تكمن الخطورة الفعلية لهذا المرض في كون أعراضه تتداخل مع أعراض فقر الدم الحاد، ومن أهم تلك الأعراض صداع في الرأس، دوار، اصفرار في الوجه، إضافة إلى طنين في الأذن بسبب نقص كمية الأوكسجين في الدم والمخ، علاوة أن المريض تكون مناعته ضعيفة ما يجعله حساسا لكل الميكروبات التي ليس لها علاقة بالمرض، ما يؤدي إلى ظهور تعقيدات صحية والتي تتمثل في كون الخلايا المريضة تنتقل وتصيب بقية الخلايا في كل أعضاء الجسم، يشرح قائلا: «إذا كانت الخلايا المصابة في المخ تؤدي إلى تعقيدات به، وفي حال مسّ المرض خلايا على مستوى الكبد أو الكلى فإنه سرعان ما ينتشر على مستوى تلك الأعضاء»، وعن بداية المرض، يوضح الطبيب أنه قد تكون الإصابة على مستوى نخاع العظم باعتباره مصدر الدم -يوضح قائلا-: «يعطي الخلل في نخاع العظم خلايا مشوهة تسبب سرطان الدم، أين تكون الإصابة على مستوى الخلية الأم، وعادة ما يصعب تحديد نوع الخلية الأم المصابة فيتطور المرض ليعطي نوعا من اللوكيميا». هذا ويحدد نوع مرض «اللوكيميا» حسب نوع الخلية المصابة، إذ يشرح الطبيب أن تطور الخلية اللمفاوية يحدث ما يعرف ب»اللوكيميا اللمفاوية» -ويضيف أخصائي أمراض العظام - بخصوصها قائلا: «أغلب الحالات اللمفاوية لها دور كبير في المناعة، ما يؤثر كثيرا على صحة المريض، كما توجد ستة إلى سبع أنواع حسب نوع الخلية المصابة وعادة ما تصيب الأطفال»، أما في حال تطور خلية الدم النقوية فإنه يحدث نوع من «اللوكيميا النقوية»، كما توجد حالات نادرة من اللوكيميا الخاصة بالدم الأحمر ولوكيميا الصفائح. كبار السن أكثر المصابين ب»اللوكيميا« المزمنة يصنف العديد من الأطباء »اللوكيميا« إلى نوعين، منها ما هو حاد، ومنها المزمن، حيث تكون اللوكيميا الحادة الأكثر انتشارا ويزداد ظهورها عند فئة الشباب، وهي خلايا غير ناضجة تماما تتطور بصورة سريعة، أما اللوكيميا المزمنة فنجدها عند كبار السن وهي خلايا ناضجة تتكاثر ولا تموت، كما تظهر في وقت طويل، فقد يحمل الفرد هذا النوع من الخلايا ولكن دون وجود أعراض تدل عليها على حد قول المتحدث. المواد الكيميائية والاستعمال المفرط للمبيدات الحشرية أكثر عوامل الإصابة أما عن أسباب المرض، فيؤكد الطبيب أنه لا توجد أسباب مباشرة وواضحة لمرض ابيضاض الدم، لكن هذا لا يمنع وجود بعض العوامل التي أثبتت الدراسات أنها يمكن أن تكون محفزا على ظهور المرض، ومن أهمها المواد الكيميائية والتعرض لأشعة الشمس، حيث يؤكد أن الناس الذين لهم استعمال مباشر لمادة البنزين بصورة متكررة يكونون أكثر عرضة للإصابة، إضافة إلى مجموعة من العوامل الفيروسية والميكروبات التي لاتزال مجهولة لكون الجزائر لا تملك بعد مخابر للبحث عن تلك الفيروسات التي تحدث مرض اللوكيميا، كما أضاف الطبيب أن الإستعمال المفرط للمبيدات الحشرية ونقص تهوئة المكان يعتبر من أهم العوامل التي يمكن أن تحدث الإصابة بالمرض المذكور، فعادة ما تكثر الإصابة لدى العاملين بالميدان الزراعي أين يتم استعمال المبيدات بكثرة. أما عن الدور الذي يلعبه العامل الوراثي، فيقول أخصائي أمراض العظام: «في بعض الحالات نجد الإصابة تنتقل وراثيا، ما يفسر أننا نسأل المريض عن وجود إصابات عائلية، حيث توجد عوامل وراثية وأخرى خاصة تسرّع في ظهور المرض».ومن الأمراض التي لها علاقة بابيضاض الدم، يحصرها الطبيب في أمراض المناعة، كون الخلية المريضة تحارب مناعة الجسم، وتبدأ في التكاثر، كما يؤكد أن إصابة الذكور أكثر من الإناث، ولكن لم يذكر أي تفسير علمي لذلك. تشخيص المرض عادة ما يتطلب تحليل الدم بغرض الحصول على كمية الكريات الدموية البيضاء والحمراء، إضافة إلى الصفائح، وعادة ما يكون التحليل عن طريق أخذ عينة الدم من الإصبع، ولكن ذلك قد يكون غير كاف في الكشف عن المرض مما يتطلب الخضوع إلى ما يعرف بتحليل نخاع العظم ومنه يتم تحديد نوع «اللوكيميا» بناء على نوع الخلية المصابة. عزل مريض »اللوكيميا« ضرورة لابد منها هذا، وركّز المتحدث على ضرورة أن يكون العلاج في مصلحة خاصة تراعى فيها شروط النظافة، كون مناعة المريض عادة ما تكون ضعيفة، ما يفسر أن مريض «اللوكيميا» يوضع في غرفة منعزلة وتمنع عنه الزيارات، إلا عن طريق النافذ،ة وذلك بغرض حمايته وعدم نقل أي ميكروبات. يعتمد العلاج عن طريق ما يعرف بالعلاج الكيميائي، ثم العلاج المساعد الذي يتم عن طريق نقل الدم للمريض وذلك من خلال نقل الصفائح، أين يتطلب وزن فرد في حدود 60 كيلوغراما ما مقدراه ست وحدات من الصفائح في اليوم لمدة 10 أيام، ومن هنا وجه الطبيب الدعوة إلى التبرع بالدم لمساعدة المرضى. عادة ما تتطلب «اللوكيميا» الحادة دخول الفرد إلى المستشفى، في حين يمكنه ملازمة البيت في حال كان يعاني من «اللوكيميا» المزمنة بشرط الالتزام بالعلاج المناسب، وعادة ما تكون «اللوكيميا» اللمفاوية عند الأطفال قابلة للشفاء، حيث لها دواء خاص يلتزم به المريض بعد أن يتم تصفية جسمه من المرض، وعن فعالية الأدوية يقول المتحدث: «إن نسبة استجابة المريض للعلاج عادة ما تكون فعالة، لأن الدواء القوي يقتل الخلايا المصابة، ولكن ما يعاب عليه أنه يمكن أن يقضي على الخلايا السليمة أيضا». ليست كل حالات »اللوكيميا« تتطلب زراعة نخاع العظم أما عن زراعة نخاع العظم، فيؤكد الطبيب أنه ليست كل الحالات تتطلب زراعة نخاع العظم، وإنما يتحدد ذلك حسب سن المريض، نوع الخلية المصابة والحالة الصحية للمريض لاسيما سلامة قلبه وخلوه من أمراض أخرى، إضافة إلى ما تكشف عنه تحاليل الدم، كما أن هناك حالات أخرى يتم فيها زراعة النخاع العظمي، ويتم القضاء على المرض، ولكن قد يعود للظهور من جديد مما يتطلب زراعة ثانية.