الحوار كفاءة و أمانة يُدار تحت سقف الوطن الذي يستوعب و يتصالح بسلوك سيادي ينظر إلى المتغيرات كفرصة لا تَحَدٍ يتم تشغيلها بلمسة زُرٍ لإخراج الشر من قوقعته بدل تنظيف الأدلة بالأسنان الأمنية المؤلمة التي لا تجعل المظالم تختفي ، الحوار على هذه النمطية ليس بارتباك بل مخاض طبيعي يُخلصنا من متاعب "مضايقة خرجت عن السيطرة" و الجدال القائم بين الصدفة و مفرداتها و الخطة و تصنيفاتها و احتياطات خبرة التخريب المستعملة ، فيُهَدِمُ احتكار السلطة و يكنس الخوف من مسافات العبور بالسماع و الاستماع لإعادة إنتاج الوطن بثوابته و هويته و تراثه بعيدا عن الطبيعة الصراعية لانتقال السلطة ، أي إحداث توازن بين السلطوي المسيطر على القرار و المسار و الوافد الاجتماعي بسيناريوهات الحرب المتقدمة غالبا . دعوة العامة للحوار بالتحقيق بدل التعليق لا يُضيف الإهانة للهزيمة ، بل هي أَمْرٌ صِحِي يُؤَمِن تغطية شفافة تسحق الجينيريك الذي يتردد يوميا على مشاهدنا حتى جعلنا نختلف حتى في قراءة أحوال الطقس، فقاعدة المطالب اتسعت و أضحت لا تطيق الإضافات المزعجة ، و تبويب مقترحات الحوار الوطني وفق متغيرات المجتمع و قطاعات النشاط ضروري لتفادي تحليل الوضع بمفردات الأزمة فقط دون اعتبار نشاط المقدمات و المحتوى و الهوامش و جملة الشركاء. من يحتكر المعارضة بكل إشارات المرور الحديثة كيف ينصح من يحتكر السلطة بالتخلي؟ و السلطة غالبا ما تختار مؤيديها و معارضيها ،وإذا كان النظام السياسي سيئا و مسئولا عن الجفاف الديمقراطي الذي بسط حِقَبَ الجَدْبِ الفكري زمنا معتبرا منهجا و أسلوبا ، فإن المعارضة بأزيائها الحزبية أسوأ في تقييم وضعية الشأن العام بأفكار تجديدية لمشروع تحول إلى إنشاء آليات التمثيل السياسي بديمقراطية مزدوجة الشحن – بطارية السلطة + بطارية المجتمع- بدل التفسير المطاطي للإصلاح و صياغة شعارات الإسقاط كلما حلت مواسم الحصاد الانتخابي . الإصلاح يختبئ خلف جراحات عميقة تفجرت الدموع من معاقيها ، لكنه سهل كسحب الفِلِينَة من القِنِينَةِ ،فهو تغيير المنظومة السلطانية للبلاد بصيغة الحرب التي تأتيها خلاف الحرب التي تأتيك فالأولى تتوفر على عنصر المفاجأة و الثانية مجهزة بعنصر الاستعداد ، و التقارير البدائية لا تجعل الحرب رياضة جماعية مهما تظاهرت بمظاهر الخاسر ، و قانون السلطة خلاف سلطة القانون الذي لا تتلون مواقفه حسب لون المصالح و لا يتصرف كطالب مبتدئ في العلوم السياسية ، و الإسراف في التصليح اللفظي يباعد المسافة بين الأخلاق و السياسة ،فيَمِلُ المجتمع من الأُبُوَة و الوِصاية و فرض الرقابة على جِيلٍ بكامله. جوهر الإصلاح لا يدعوك أن تكون سريعا مثل الكهرباء ، أو أن تكون صفرا على الشمال، بل هو إنتاج و وعي و مآل الضمير الجمعي ،تُجسده النُخب القيادية للمجتمع باعتبارها عَصَب بناء النُظم، فالانتخابات ليست شرائح لحم بنكهة البطاريات المحترقة، و الجزائر و الحمد لله ولادة بالنُخَب الخصبة تنتظر الاستدعاء لتقديم أطروحاتها فهي مصدر خيال سياسي رحب ، بدل تحميلها هَوْلَ الأزمة التي كسرت أسنانها الطبيعية و الاصطناعية حتى عجزت عن تنفيذ مهمات المضغ. المجتمع هو فَرْدٌ مُكَرَرٌ وليس مُكيف هواء يُديره ضابط إيقاع المشاعر السياسية في مواعيد الضخ الحماسي،المجتمع هو رأي عام يَسْبِقُنَا عُمْرا و فِكْرا في قراءة قلقنا الأمني و يومياتنا الاستفهامية المليئة بالمطبات ، يجب إقناعه بالإعلام الصادق بدل التغطية الدخانية و أسلاك التوصيل المزاجية ، ثم إمداده بنخب إبداعية لا إجماعية ، و الإصلاح هو إملاءات الداخل المتزن نسقا و فكرا ، فليس من يُتعب خيوله في اللعب كمن يُتعبها في الحرب. . الحوار الفعلي الآمن لا يَخدش أمتعة الإصلاح ، يجب أن يستدعي النُخب المنافسة ، خاصة التي استقلت العمل السياسي و تُمارسه على الهامش بعنوان التسلية البادية أكثر في تدوين المذكرات الشخصية، فالمسألة مسألة خيارات أكثر من مشاورات في التشبيب و التجديد و توظيف العقل السياسي في شُعبة الحكم التي تتبنى شمولية الإصلاح من منطلقات رأي الجميع الذي يستقطب التغيير و معرفة البديل فالاعتماد يكون على قوة الحق بدل حق القوة الظاهر أكثر من سلوك الأفعى التي لا تحفر جحرا ، و لا تبيت إلا في جحر. شدتني مطولا إجابة رئيس ماليزيا عن سر ازدهار بلاده ، فأجاب أن السر هو " المعرفة " ، أجل هي المعرفة التي تُبَدِدُ الخوف و تُتْلفُ مكوناته التناظرية ، فالمواطنة هي معرفة لا تُختزل في بِطُاقَتي الناخب و الهوية فقط ، بل هي مستوطنة مهنية تتبادل المِهَن بدل التُهم ، و الدولة هي أيضا معرفة مؤسسات قائمة على النزعة النظامية لا النزعة الفردية بصيغة التعايش السلمي بين السلطة و المجتمع و أن ركوب السلطة ليس مثل ركوب الدراجة الهوائية فالأولى تبعات و مسئوليات و الثانية إلهاء و استهلاك طاقات حيوية، و نظام الحكم هو معرفة الوريث السياسي القادم من واحة الديمقراطية الموصوفة بتنوع الخيارات و كفاءة الاختيار، بدل الوريث العائلي أو التنسيب العائلي للحكم ، و التعددية هي معرفة المَحَك السياسي لمفهوم الدولة الوطنية بدل إنشاء أجنحة معارضة شبيهة بالجزر المنعزلة ، و التخلف هو معرفة الفرق بين الفوضى و تنظيف الفوضى ، و الاقتصاد هو معرفة الاقتصاديات البديلة عن الإدمان على النفط ، أنا و أنت أيضا معرفة تواصلية في التأهيل و التأهب،و قبل أن يجف حبر الحوار بين الأوراق و القرطاس و يتلاشى وهجه بين السطور الذي أأمل أن يكون خارج مواجهات الخطاب السيميائي و اُتُون المعركة الضاربة ، فإنني قد دَبَبْت رأس السَهم بيدين مُشَرَعَتين لتفجير بالون الغازات السامة العابرة لفضاء الحوار وتمرير بالون أكسجين جلبته من دفء دمي و جبين حيرتي لسكبه في محبرة الوطن ليضاف إلى الإمدادات السائلة من الواجهة الحوارية و شركائها المجاورين و المراسلين بدلا من الموت إكلينيكيا و طبيا ، الاختصار يحتاج إلى قدرة عالية في الاستدلال تنتزعنا من الحِبْريَة الكاريكاتورية الساخرة و التباهي المفرط بالتعددية و ألعابها الضوئية ، في ظل المنافسة القائمة بين المجتمع التَدْوِينِي و المجتمع السياسي و التنظير المكثف للجانب الافتراضي ، فالقراءات الخاطئة للعواصف العابرة شبيهة ببكتيريا " إيكولاي " ، لا يمكن ردعها بعقوبة الحجز فقط ، فالتمساح لا يُجَامل فريسته رغم مظاهره الإغرائية في فنون الجَذْب. من بين ثنايا الأزمة يتسلل الفرج كَضَغْطَة أُنْبُوبَة معجون الأسنان و تختفي المرارة خلف الابتسامة اختفاء المجنحات من بُخَاخِ المبيدات ، إذا أدركت أنك مُعَافَى نفسيا من وَهْمِ تعزيز الذات ، و لا ترغب في تلميع جوائزك القديمة أو إضافة ألقاب بمفردات شخصية فإنك ستباشر الإصلاح و تتخلى عن أدوات الفساد ، أي توظيف تقنيات ووسائل و فنون تسيير النزاعات الناشئة و المحتملة ،فثقافة الغائب الحاضر أقوى بكثير من ثقافة الحاضر الغائب. خلاصتي الشخصية أن الحوار ليس تعالى: نأخذ صورة تذكارية ، أو أن نصنع للقضية شهودا على شاكلة كل من يحمل مَطَرِيَة يتمنى سقوط المطر ، بل هو قيادة منظومة المبادئ لمنظومة المصالح قرارا و مسارا حتى يبقى الوطن خيط غسيل ينشر المناديل الوطنية و كيانا نابضا بالحياة يتحرى شوقا إلى التغيير و التجديد فالحق أصيل و الباطل دخيل ، و أنا تَخَلَيْتُ عن زَيِ المتفرج بعد أن أدركت أن من كان جزءا من المشكلة لا يمكن أن يكون جزءا من الحل و أتحرى فرحا بمبادرة الحوار التي تتلمس الأخطاء كما يَتَبَشبَش أهل الغريب بِغَرِيبِهِم فالمبتغى النهائي ليس أن نقول كل ما نعرف ، بل أن نعرف ماذا نقول ، و صدق الشاعر الناصح في قوله: تَكَلمْ و سَدِدْ ما استطعت فإنما * كلامك حيٌ و السكوتُ جَمَاد إن لم تَجِدْ قَوْلاً سديدا تقوله * فصمتك عن غير السَدَادِ سَدَادُ . شاكي محمد/العيون تيسمسيلت