لا تعرفه ومضطرة هي بعد ساعة أن تكون معه على فراش واحد رتبته أم العريس لها على زاوية الغرفة الصغيرة، لا تعرفه وعقارب الساعة تدق متسارعة في قلبها الصغير،روائح الكسكسى لم تعد زكية كما كانت،وتلك الزهور لا رائحة لها،وصوت المغني ماله لا يطرب ً ديرولو الحنة... ديرولو الحنة... زغاريد في كل مكان وكأنها طلقات بنادق ..يكاد القيء يخنقها حمى العرائس هكذا قالت أمها لإحدى الطفيليات التي كانت تنظر إلى العروس شزرا. لحظات قلائل وستراه.. لكنها مرتبكة جدا وخائفة. ماذا ستقول له ؟ كيف السبيل إلى إقناعه ، لاشك أنه رجل متزمت كما وصفته إحدى صديقاتها..تذكرت حينها شبح ابن عمها فراعت و تسرب الحزن إلى أعماقها جداولا وأنهارا، كانت تحبه ، وتعشق شاربه المفتول ، ذكريات جميلة تمر وراء مرآة مكسرة وحواء بداخلها متشحة بأوراق التوت. بعد أن جاء من ديار الغربة سبقها قلبها إليه ، استحمت بالغيوم و تنشفت بالزهور ، لبست فستانها الوردي تأنقت وتألقت وترددت على المرآة تحاورها...صوت الزغاريد يفجعها يقلقها ليتها تصاب بالصرع أو تموت ، ..ديرولو الحنة ، يا للهول..كلمات الطبيب تهوي على رأسها كسياط من نار ، طبيب المستشفى يصارحها بكلمات كأنها لسعات عقارب تريد أن تصرخ أن تبكي بمرارة أن..كان وسيما بشاربه المفتول ،لكنه عاد من فرنسا حليقا ورائحته مختلفة ..لكنها جذابة ، تتراقص النساء حولها كظلال أشجار الصفصاف ،لحظات قليلة وستراه ، البرنس الأبيض يلبسه الرجال والنساء على السواء في ليلة الزفاف . تتهامس بنتان من أترابها ويتغامزن ،أتراهن يعرفن الحادثة..الزغاريد ..الزغاريد آه ماذا تفعل الزغاريد داخل قلب يشبه الكهف المهجور ،لطالما حاولت الانتحار بلعت أقراص نوم جدتها..لماذا تنشق الأرض في الحكايات القديمة فقط ؟ لماذا لا يتألم ابن عمها كما تتألم ؟ الموت للرجال ..الموت للذكور يخطئون ويذنبون و..و..ولكن للرجال رب غفور. تقترب أخت العريس منها تهمس في أذنها وترسل ضحكة ..ضحكة فيها كلام كثير ، تجذرت في الأرض أكثر كأنها شجرة بلوط غرست منذ مئات السنين . دون جدوى صورته تقلقها ..رأسها يكاد ينفجر، والدها مريض وأخوها ماذا تقول لأخيها بل كيف تستطيع النظر في وجهه. خرجت النساء من غرفتها ...لا شك إنه قادم...صوت الزغاريد وأقدام آتية أبو محمد طه ياسين جامعة تيسمسيلت