في "نقطة نظام" الأستاذ بوعقبة، ليوم الخميس الماضي، نائب برلماني يحاول الدفاع عن زملائه ورد الاعتبار، قال بسخرية واستهزاء "إن حرية الصحافة التي لا تدخل المعتقلات والسجون ما هي إلا ذر للرماد" بما يعني، أنك إذا أردت أن تكون صحفيا محترفا ولامعا، يجب عليك أن تسب هذا، وتهاجم ذاك، و تخوّن فلان، وتشوه سمعة الآخر، وتتسبب في البلبلة، وترتكب أكبر عدد من الجنح، وتجلب لنفسك وللصحيفة التي تعمل بها المشاكل والمصائب، التي تجرجرك وزملائك إلى أروقة المحاكم، لأن الطريق إلى صحافة محترفة، حسب رأيه، لا يكون إلا بالبهدلة في المحاكم والسجون، ولا يهم إن دفعت كل ما تملك كغرامات ضد نفسك، أو تم طردك من العمل، ولا يهم أيضا إن قضيت عمرك كله تطارد عناوين الصحف، ولا صحيفة سوف تقبلك لأنك مثير للمشاكل! الحمد لله أن هذا الشخص، مجرد نائب، قد لا يعود للبرلمان مرة أخرى، لأنه يخلط بين السياسة والصحافة، واعتبر أن الصحافة الحقيقية هي التي تعذب أبنائها في السجون والمعتقلات، وتقضي على أحلامهم، وأعمارهم، وتشرد عائلاتهم ومثل هذا الكلام يزرع العنف في عقول الصحفيين المبتدئين. الحمد لله أنه مجرد نائب، قد لا يعود، وإلا لأدخل كل الصحفيين السجن، وفرض على من بقي منهم شهادة سوابق عدلية مملوءة بالأحكام القضائية، مقابل الحصول على بطاقة الصحفي، لأنه يصر على أن الصحافة لا تدار إلا من وراء أسوار السجون، رغم أن الصحافة خلقت للمشاركة في بناء وإعمار البلاد، ولتثقيف الناس وتنويرهم، وللتعبير عن ميولاتهم. الأستاذ "بوعقبة" الذي خدعته الرسالة، لم يعد نفس الرجل الذي عرفناه في الماضي، وقد أصبحت دموعه، تسيل لأتفه الأسباب، وافقه الرأي، وبكى، ثم تباهى بدخوله السجن، وكان بإمكانه أن يوضح للصحفيين المبتدئين، باعتباره أستاذهم الذي يتعلمون منه، ما معنى أن يدخلوا السجن، وكيف يكون دخولهم، لكن أن يقول "أن حرية الصحافة تحصنها المعتقلات والسجون"، ثم يبكي، ويشكر النائب، فهذا ما لا أفهمه؟