إنه فنان من الأجيال الأولى، عميد من أعمدة الأغنية السطايفية كيف لا وهو من المؤسسين الأوائل الذي اكتشفوا الطابع السطايفي الفولكلوري...بقدر ما يصعب الحديث عن مشواره الفني الطويل و المليء بالعطاءات الإبداعية للأغنية السطايفية و الفولكلور المحلي بقدر ما أثلجت الدردشة معه صدورنا و أفرحت قلوبنا...كثيرا ما سمعنا عنه و استوقفتنا أغانيه التراثية المعبرة و المحافظة...لنسرق من وقته ساعة من الزمن نحاكي في ثناياها ماضيه، حاضره و مستقبله إنه و بكل فخر و اعتزاز عميد الأغنية السطايفية "الطاهر قوفي" و كان لنا معه هذا الحوار الشيق: سطيف نت: كيف يعرف لنا فناننا العريق "الطاهر قوفي" نفسه؟ ← الطاهر قوفي ابن مدينة سطيف، من مواليد عام 1943 ، متزوج و أب ل 10 أبناء ذكور و إناث و جد للعديد من الأحفاد . بدأت مشواري الفني عام 1962 أي بعد الاستقلال. سطيف نت: لو أردنا أن نتعرف عن قرب عن مشوارك التعليمي، ماذا تقول لنا؟ ← بدأت دراستي في وقت الثورة ،عام 1957 بالمدرسة الابتدائية التي هي حاليا متوسطة علام منصور، ثم و بقرار من جبهة التحرير الوطني اضطررنا للتوقف عن الدراسة حتى نثبت وفائنا و إخلاصنا للثورة الجزائرية. بعدها عدت لمزاولة دراستي بمدرسة "الفتح" بحي لنقار مدة ثلاث سنوات لأتوقف بعدها نهائيا عن الدراسة بضغوطات من الفرنسيين خصوصا و أننا كنا في أوقات الثورة. سطيف نت: الكل يعلم أنك كنت ضمن فرقة السعادة باعتبارك أحد ممن اكتشفوا و ساهموا في تطوير الأغنية السطايفية، هل بإمكانك الحديث لنا عن مشاركتك مع فرقة السعادة؟ ← بدأت مشواري الفني مع فرقة السعادة التي كان يرأس الجوق آنذاك الفنان عباس رزيق عازف على الناي. بدأت هذه الفرقة عملها سنة 1938، ثم توقفت أثناء الثورة لتعود للظهور ثانية بعد الاستقلال. فرقة السعادة كان مقرها أمام مسجد العتيق وسط مدينة سطيف و بالتحديد مقر نادي الإتحاد الرياضي السطايفي حاليا. بدأت رفقة زملائي عمر بوخادم الذي كان يعزف على العود رفقة العيفة ، عباس التركي كان يعزف على آلة الكمان. ليلتحق بنا مؤسس و عميد الأغنية السطايفية المرحوم "السعيد مهنتل". لأغتنم الفرصة للترحم على روحه الطيبة، فرحمة الله عليك يا السي السعيد. بدأنا مشوارنا الفني بتقليد الأغاني الشرقية الثورية مثل محمد قنديل و أغنيته:(( أحنا ما بينا و بينك ثار، يخلي الثورة تولع نار)). مثل هذه الأغاني هي التي كانت شائعة في تلك الفترة ليظهر الطابع السطايفي عام 1998-1999. سطيف نت: في هذا الإطار أريد معرفة سبب اختيارك للطابع السطايفي بالتحديد؟ ← أنا بدأت مشواري الفني عام 1962 ، و سبب اختياري للطابع السطايفي هو أن هذا الأخير كان بالنسبة لنا اكتشاف، الطابع السطايفي ثروة كانت مخزنة و تم اكتشافها. رغم أنه النساء كن يؤدين هذا النوع من الطبوع الغنائية في الأعراس ، لنعمل نحن على إخراجه للواجهة خصوصا و أن أوقات الاستقلال كنا نؤدي الطبوع المغاربية من مصرية، تونسية و مغربية و بعدها و في عام 1969 كان مهرجان الأغنية الفولكلورية الشعبية الجزائرية في العاصمة، فشاركنا فيه و تمكنا من انتزاع المرتبة الثانية من بين المشاركين. عندها قام المرحوم السعيد مهنتل بتأدية أغنيته المشهورة (( يا ربي سيدي واش عملت أنا ووليدي، ربيتو بيدي و داتو الدولة الرومية)) و كانت بالطابع السطايفي. هذه الأغنية تحكي عن المرأة التي تحرمها الدولة الفرنسية من فلذة كبدها بمعنى تأخذه منها دون رجعة له. ليلتحق بنا فيما بعد الفنان تشير عبد الغاني و هو صاحب 11 ربيعا فقط، فقمنا نحن في فرقة السعادة بتلحين له كلمات أغنيته (( طيارة صفرا حبسي ما تضربيش عندي راس أخي ولميمة ما تضنيش)) ، بعدها عملنا على تلحين أغنية (( لالي لالي العشق في الزين و ربي بلاني)) للمطرب بكاكشي الخير. و من هنا انطلق الطابع السطايفي. بعدها انطلق المشوار في الأغنية السطايفية و كانت أول أغنية لي عام 1972 تحت عنوان (( بنت بلادي غني علي)) و اشتهرت ب 20 أسطوانة، إضافة إلى أغانية (( أنا قلت الزمان تبدل))، (( يا اللي كويتيني)) و أغنية ((قوليلي علاش)). سطيف نت: من بين أغانيك (( قالوا على سطيف)) ، لو تحدثنا عنها قليلا؟ ← أجل أنا قمت بتأدية أغنية (( قاولوا على سطيف )) عام 1970. أما عن بداية تأديتها، فنحن قمنا بإحياء حفل بثانوية "مليكة قايد" المتواجدة وسط مدينة سطيف، و أثناء هذه الحفلة غنت معنا تلميذة من طالبات الثانوية أغنية بكلمات (( قالوا على سطيف، سطيف البستاني و اللي ما زاروا ماهوش زهواني)) أنا قمت بإعادتي هذه الأغنية مع إجراء تغيير في الكلمات و أعطيتها طابع سياحي فأصبحت كلمات الأغنية (( قالوا على سطيف، سطيف البستاني اللي زاروا مرة يرجع له ثاني)). و معنى هذه الأغنية أنه الشخص الذي يزور مدينة سطيف و يشرب من ماء عين الفوارة – وهو يضحك- حتما عليه الرجوع مرة ثانية للمنطقة. سطيف نت: بما أنك أحد مؤسسي الأغنية السطايفية ، كيف لا و أنت صديق المرحوم "السعيد مهنتل" عميد الأغنية السطايفية، فكنتم أنتم سفرائها آنذاك، ماذا لو تعرف محبيك عن أهم الحفلات التي قمت بها داخل و خارج الوطن؟ ← نحن هنا على مستوى بلادنا الجزائر قمنا بحفلات و سهرات فنية في جل ربوع الوطن من شرقها لغربها و من شمالها لجنوبها. أما على المستوى الدولي ، فلقد وصلتنا دعوة عام 1975 من طرف قائد الحزب الاشتراكي الفرنسي " جورج ماشي"، الذي قام بالاتصال بجمعية الأحباب الجزائريين الأوربيين الذين كان لهم فرع هنا بالجزائر و طلب منا إحياء سهرات فنية في العديد من الولايات الفرنسية فأطربنا من خلاها جمهورنا في كل من Nancy- Monpelier- Marseille et Lyon بمعنى أنه قمنا بجولة في العديد من الولايات الفرنسية. سطيف نت: سطيفالمدينة الجميلة ، المضيافة و التواقة للتعرف على ثقافات و حضارات مختلف الولايات، هل لنا التعرف على أهم الأسابيع الثقافية التي تشرفت بإحيائها و أطربت من خلالها الحضور؟ ← من بين أهم الأسابيع الثقافية التي شاركت بها ، الأسبوع الثقافي بعاصمة الغرب الجزائريوهران، الأسبوع الثقافي بعنابة، باتنة، و بجاية. سطيف نت: ما رأيك في شباب الوقت الحاضر الذين اختاروا السير على نهج أجدادهم من خلال محافظتهم على الفولكلور المحلي و الطابع السطايفي؟ ← إن النغمة السطايفية نغمة حلوة جدا لا تمحى من ضمير أيا كان، لكن الأثر الكبير هو في الكلمات. أنا أرى أنه هناك انحراف في الكلمات من قبل الشباب خلاف أسلافهم الذين كانوا يحسنون اختيار الكلمات الرزينة و التي لها معنى، إلا أنه اليوم أصبح من 'هب و دب ' يغني الطابع السطايفي بكلمات غير موزونة و لا تستطيع العائلة بكاملها أن تسمعها مجتمعة. لذا أنا أشجع الشباب على المحافظة على الطابع السطايفي لأنه لا بد و أن يكون هناك خلف صالح عن الأسلاف السابقين الذين أعطوا و أبدعوا في الطابع السطايفي لأن الأغنية السطايفية قادرة على التألق و الوصول لأبعد حد لكن تبقى اختيار الكلمات هو الأساس. سطيف نت: في رأيك، مطربنا العريق الطاهر قوفي، هل الأغنية السطايفية لا تزال بخير في ظل المنافسة القوية التي تشهدها الساحة الفنية من مختلف الطبوع خاصة الطابع الرايوي؟ ← أرى أنه هناك تراجع للأغنية السطايفية مقارنة بالطابع الرايوي و الطبوع الأخرى. لكن لو تكون هناك دراسة و وقوف السلطات إلى جانبها فإن الأغنية السطايفية لن تترك مكانتها. فنحن هنا في سطيف لا نحوز حتى على معهد موسيقي رغم أننا كنا قد طلبنا هذا من البلدية، لأنه هناك مواهب من الصغر و لا بد أن يكون هناك تشجيع من قبل السلطات حتى تبرز هذه الطاقات الشابة الموهوبة، لأن النوع السطايفي في تطور دائم. سطيف نت: في الختام، ما رأيك في المهرجان المحلي للموسيقى و الأغنية السطايفية التي عودت مديرية الثقافة لولاية سطيف عليه الشباب الراغب في الدخول إلى عالم الغناء خاصة الطابع السطايفي ؟ ← إن هذا المهرجان مبادرة جيدة جدا، و أنا أشكر مدير الثقافة السيد "محمد زتيلي" و حتى المدراء السابقين. لأنه حقا مبادرة جد قيمة يتم من خلالها اكتشاف الشباب و أصواتهم البارزة مع التركيز دائما على الكلمات و ما علينا نحن الآن إلا توجيههم. و المهرجان مبادرة جيدة لمواصلة المحافظة على الفولكلور السطايفي حتى لا يموت أبدا و يبقى حي و لم لا يتطور أكثر فأكثر ويصبح سفير الأغنية الجزائرية العالمية في الخارج. سطيف نت: كلمة أخيرة للفنان الطاهر قوفي، ماذا يقول لنا؟ ← أتمنى النجاح للأغنية السطايفية ،و المهرجان المحلي للموسيقى و الأغنية السطايفية إنشاء الله يكون ناجح كالطبعتين السابقتين الذين اكتشفنا من خلالهما شباب في القمة و نحن كقدماء نحرص كل الحرص على أن تكون هناك التفاتة من قبل السلطات لمد يد العون حتى تستمر هذه المهرجانات دون انقطاع مع تشجيع الشباب لإعطاء دفعة قوية للأغنية السطايفية حتى تستمر دائما.