انتهجت السلطات الرياضية الجزائرية وعلى رأسها وزارة الشباب والرياضة والاتحادية الجزائرية لكرة القدم في ثمانينات القرن الماضي سياسة تمنع بموجبها اللاعبين الجزائريين من الاحتراف خارج الوطن حتى بلوغ السن 28،مبررت ذلك بالاستفادة الكاملة من اللاعب الجزائري المكون تحت سقف المدرسة الجزائرية وعلي أيدي مكونين خرجي المعهد العالي للرياضة ببن عكنون كما كانت في الوقت نفسه تحرم علي الأندية المحلية انتداب لاعبين أجانب في صفوفها ..لما كانت بالطبع هناك مدارس جزائرية تنتج الكم و النوع والأمثلة كثيرة نذكر علي سبيل المثال لا الحصر نجومنا التي أضاءت ملاعب العالم أمثال ماجر، بلومي، عصاد ،مناد، زرقان.. و القائمة طويلة. حصل ذلك لما كان اللاعب الجزائري يبدع و يمتلك تكوينا سليما عاد بالفائدة عليه وعلى الكرة الجزائرية ككل والدليل علي ذلك مشاركة الفريق الوطني مرتين في نهائيات كأس العالم بعدما نال قبلها كاس ألعاب البحر الأبيض المتوسط ، فضلا علي المشاركات المشرفة في نهائيات كأس أمم أفريقا التي توج بها سنة 1990 . بعدها مباشرة في سنوات التسعينات تغيرت الأمور حيث راجع أصحاب السلطة والمشرفين علي كرة القدم الجزائرية السياسة السابقة باتخاذهم قرار السماح لكل لاعب جزائري مهما كان سنه الاحتراف خارج الوطن واستقدام لاعبين أجانب لتطعيم الأندية الجزائرية بهدف ترقية الكرة المحلية مع التخلي الشبه الكلي عن المدارس الكروية المحلية.. فكانت الكارثة.. انهيار كلي لمستوي الكرة الجزائرية مع عقم للمدارس الكروية عن إنجاب لاعبين بإمكانهم رفع مستوي و إتمام المسيرة و ما النتيجة إلا غياب تام عن الساحة الدولية ، الإقليمية والعربية على حد سوي وحتي افتقاد ل11 لاعبا بإمكانهم تكوين منتخب الوطني يدافع عن الراية .. وبهذا تكون قد صدقت فيهم مقولة تجري الرياح بما لا يشتهي السفن.اليوم و بعد 20 سنة ارتأت قيادة دالي إبراهيم الجديدة تغير الرؤية حيث قلصت عدد الأجانب الذين بإمكانهم المشاركة ضمن الأندية الجزائرية في البطولة الوطنية من ثلاثة إلي واحد فقط مما وضع رؤساء النوادي في حيرة من أمرهم وذلك في ظل غياب لاعبين جدد خرجي مدارس التكوين قادريين علي رفع التحدي، فكلهم إلا من تعذر عليه الأمر بسبب قلة الأموال حيث اتجهوا نحو أبنائنا المغتربين خرجي المدارس الكروية الفرنسية للاستنجاد بهم، حاذين بذلك حذو رئيس الفاف السيد روراوة و مدرب الخضر رابح سعدان اللذان اختارا هذه السياسة الجديدة ونفذوها داخل بيت المنتخب الوطني الذي يتشكل حاليا من لاعبين مغتربين يمتلكون معظمهم الجنسية المزدوجة وينشطون في البطولات الأوروبية خاصة الفرنسية،فالسؤال الذي يفرض نفسه حاليا علي الجزائريين هل هذا يدل أن زمن الهجرة من الجنوب إلي الشمال قد ولي وأصبحت الهجرة اليوم من الشمال إلي الجنوب وهل هو الحل فعلا لتحسين ورفع مستوي اللاعب الجزائري وكرتنا معا أم هي تجربة المغزى منها الهروب إلي الأمام ليس إلا؟.