يُجمِع متتبعون، على أن ظاهرة الفساد شهدت في الآونة الأخيرة استشراء كبيرا يجعل من الواجب على السلطات العليا في البلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية التحرك العاجل لإنقاذ الجزائر والجزائريين من براثنها، ويقدم أساتذة ومحللون تحدثت إليهم (أخبار اليوم) وصفة مكافحة الفساد، من وجهة نظرهم، مشيرين إلى أن ظاهرة الفساد لا تقتصر على الجزائر بل هي ظاهرة "عالمية". من فضيحة القرن للإمبراطورية المنهارة لصاحبها عبد المومن خليفة إلى فضائح سونطراك الى الطريق السيار.. بات الفساد يستشري أكثر فأكثر في مجالات وقطاعات مختلفة، دون إغفال الحديث عن الفساد الأخلاقي، وتكاثر أباطرة المخدرات والحبوب المهلوسة وغيرها.... فوز الرئيس (عبد العزيز بوتفليقة) بعهدة رابعة لم يشكّل مفاجأة للمتبعين في الداخل أو الخارج، لكن الأنظار ستفتش اعتبارا من الآن عن أي تغيير في التعامل مع التحديات الاقتصادية والمتراكمة والشاقة التي يحكمها الفساد. وأجمع محللون سياسيون على أن ظاهرة الفساد لا تقصر على الجزائر وحدها بل تمس جميع الدول المتخلفة والمتقدمة، وعن أسباب الظاهرة أكدوا أنها تعود أساسا غياب المراقبة في المؤسسات، وكذا عدم محاسبة المسؤولين أو المتسبّبين ساعد بشكل قوي وهو ما أدى بالظاهرة أن تأخذ مجرى خطيرا، ويبدو مطلوبا بشكل عاجل من الرئيس بوتفليقة في العهدة الرابعة تطهير البلاد من الفساد.. الأستاذ صالح سعود: "مكافحة الفساد مسؤولية الجميع" أكد "صالح سعود" أستاذ ومحلل سياسي بجامعة الجزائر أن ظاهرة الفساد تستدعي ربطه مايحدث في العالم ومن حيث المبدأ هو ظاهرة عرفتها الدول المتقدمة منها والمتخلفة ولذلك فمحاربة الفساد لا يمكن أن تقوم بها دولة منفردة وبآلياتها وإمكانياتها الخاصة وإنما تتطلب حسب ذات المتحدث تضافر جهود الجميع بما فيها السلطة والشعب والمنظمات ذات الطابع السياسي والاجتماعي، والمطلوب من الجزائر بصفة عامة أن تفعل قوانينها وتجعلها منسجمة مع القوانين الدولية وتكثّف الاتصالات مع محيطها الخارجي ومع مقوماتها الداخلية. وأوضح صالح سعود الى ضرورة ترسيخ الديمقراطية وثقافة التعامل ما بين مؤسسات الدولة والمجتمع وتبني أليات وتنفيد القانون دون تمييز وأن تجعله متسما بالاستمرارية وكذا أن تلجأ الى أساليب جديدة تمكن الجزائر من وضع حد لمثل هده التجاوزات التي يسميها البعض بالفساد. ودعا ذات المتحدث الرئيس بوتفليقة أن يحتكم الى إرادة الشعب وذلك بمراجعة القوانين التي تحكم هذه الظاهرة من ناحية والعمل على تدعيمها من ناحية أخرى وتطوير ثقافة المواطنينة لدى أفراد المجتمع وكذا مراجعة العلاقة مابين المؤسسات حتى تكون فعالية وأكثر نجاعة في مراقبة بعضها البعض، حتى لا تقع التجاوزات ولا نجد مخرجا لها ونجهل هوية المتسبب الحقيقي فيها بهذه الآليات الثقافية والقانونية والسياسية والاجتماعية يمكن أن نواجه ظاهرة الفساد. ومن جهته تطرق في حديثه على المستوى الداخلي وحماية المصلحة وقرارات الوطنية ورسم قوانين فعالة تحمينا على المستوى الخارجي، قائلا: إن الفساد لا يعالج من القمة كما يتصور البعض وإنما الحفاظ على المصلحة الوطنية التي تعد الأكثر نجاعة لمحاربة الفساد وغيره من المظاهر التي تفشت في المجتمع. الأستاذ سليم قلالة: "القضاء على الفساد بحاجة إلى وقت" اعتبر الأستاذ بجامعة العلوم السياسية والإعلام "سليم قلالة" أن ظاهرة الفساد أصبحت شبه مؤسسة وقضية صعبة ومستعصية لا يكمن القضاء عليها بين ليلة وضحاها لذلك المرحلة تبدأ بتطهير الأشخاص المشبوهين والمعروفين على الساحة بثروات غير مبررة، موضحا أنها مجرد شبهة مادام لا يوجد حجة ودليل قاطع على الشخص على أنه فاسد، إضافة الى الشفافية في نشر المعلومات والمعطيات المتعلقة بتسيير الشأن العام ضاربا المثل بالطريق السيار الذي أسال الكثير من الحبر الذي يتطلب شرح الأسباب حتى تزول الشبهة عن المشتبه فيهم ونشر الحقائق لأنه لحد الآن.. وقال ذات الاستاذ أن محاربة الفساد يستلزم وجود قضاء حقيقي فالشركات التي عليها شبهة في الفساد إذا لم يقم القضاء بدوره الحقيقي، فالقضاء حسب الأستاذ يخضع للسلطة التنفيدية الذي يحتاج الى وقت ليستقل عنها ويصبح يحكم بالقانون. وأضح "سليم قلالة" أن الآليات لم تكن كافية لانها لم تحدد بطريقة واضحة كيفية الفساد ودرجة المستوى الذي يتخلله لانه يملك مستويات يقول الاستاذ أنه يجب أن نفرق بين طريقة المحاسبة فسارق الملاييرليس كالذي سرق شئ بسيط، كما انتقدا القوانين الآخيرة كالتخفيضات الزمنية في السجون وقضية العفو التي شجعت على الجريمة لذلك وجب أن تكون هناك عقوبة صارمة تردع الأشخاص وكل من تسول له نفسه أن يمد يده للمال العام. وعبر ذات المتحدث عن أسفه من اتساع رقعة الفساد وعدم اقتصاره على اختلاس المال العام بل تعدى الى أوسع من ذلك وهي ظاهرة ترويج المخدرات بكل أنواعها التي يهرب من خلالها تجارأو بما يعرف عليهم بمافيا المخدرات والقناطير وتم اكتشافها من قبل الأمن الوطني ومئات القناطير التي لم تكتشف، اضافة الى الحبوب الصلبة والمهلوسة والكوكايين وهي مصدر كبير للفساد ، ضف الى ذلك تبييض الأموال لكونه مصدر للرشوة وبيع الذمم باعتبارها أموالا سهلة ومربحة بشكل رهيب وسريع التي تعرف بالجريمة المنظمة. ولا شك أن مكافحة الفساد تستدعي تكاتف جهود الجميع بما يضمن سلامة وفعالية الانشطة الاقتصادية وتعمل على ترسيخ المنافسة العادلة والحقيقية وخلق بيئة مواتية لجلب الاستثمار الأجنبي، ويتعين على الجزائر الغنية بثرواتها أن تبذل جهود اضافية لمواجهة كل المتسببين في الفساد وتوفر الدولة الخدمات بمزيد من الفعالية والكفاءة وخاصة الأمانة والنزاهة.