احتضن معهد الحياة العامر بالقرارة ولاية غرداية أمسية يوم السبت فعاليات منتدى الجابرية في حلقته السابعة عشرة والتي تمحورت حول الفكر الوسطي عند الشيخ الناصر المرموري رحمه الله الذي تزامن مع الذكرى الثالثة لوفاته، فكان ذلك بحضور السلطات الرسمية ومجلس باعبد الرحمان الكرثي وأعيان من قصور وادي ميزاب إضافة إلى ضيوف قدموا من مدينة الورود البليدة، البرنامج قسّم إلى فقرتين، حيث الفقرة الأولى عبارة عن ندوة فكرية للدكتور أبو بكر صالح، أما الفقرة الثانية مشكلة من مائدة مستديرة حوارية جمعت ثلة من المشائخ الذين عاشروا الشيخ الناصر المرموري رحمه الله. وبدأت الأمسية الفكرية الدسمة بندوة الدكتور أبو بكر صالح الذي تطرق في بداية حديثه سبب اختياره عنوان الندوة الموسومة بالفكر الوسطي عندي الشيخ الناصر، وذلك لغرض البحث والتنقيب والتعمق في فكر الشيخ الموسوعة، لأن كل ما قيل ويقال عليه وما كتب عنه لا يتجاوز أوصاف ظاهرية فهذا ظلم في حقه، في حين وجب التفريغ والغوص في فكره وذلك من خلال تعاملاته ودروس الوعظ التي كان يلقيه في منبر المسجد، وكذا فقهه وفتاويه والتفاسير التي كتبها، ناهيك عن رحلاته العلمية لحضور الملتقيات والأيام الدراسية سواء داخل الوطن أو خارجه، ليتطرق بعدها الدكتور إلى مفهوم الفكر الوسطي الذي قال عنه بأنه المنهج الذي يقصد به الاعتدال أي بين الإفراط والتفريط، وبين الغلو والتهاون، والتشدد والتضييع، لأن خير الأشياء أوسطها فهذا هو الأصل مصداقا لقوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}، حيث يظهر هذا الفكر جليا عند الشيخ الناصر سليل جمعية العلماء المسلمين التي كان منهاج الإصلاح الاجتماعي العام، وذلك في تسامحه والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، وكان ينبذ الخلاف والصدام والفتنة ويسعى إلى التقارب والتآلف، وكما كان يدعو إلى اللحمة الوطنية ووحدة الصفوف بغض النظر عن المذاهب والقناعات والمدارس، ومن مظاهر وسطية الشيخ الناصر التيسير وعدم التشدد، ونبذ التعصب المذهبي على حساب السنة، والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله محمد {صلى الله عليه وسلم} معا، حيث كان ينكر إنكارا شديدا على من يدعي الاكتفاء بالقرآن فقط والاستغناء عن السنة النبوية الشريفة، وبهما كان يرد كل الخرافات والبدع، وكان أيضا يقرّ بمسألة اجتهاد العلماء في قضايا مستعصية حدثت ولم ترد أحكامها في القرآن والسنة، ويحرّض على ضرورة التفقه والعلم بأمور الدين وأصوله ومعرفة المذهب من مصادره وترك التنابز والخلاف بين المذاهب، كما كان يحذر من أنصاف العلماء. وفي الفقرة الثانية استضاف المنشط حمو أوجانة في مائدة مستديرة كل من الدكتور أبوبكر صالح وبابزيز إبراهيم شيخ حلقة العزابة بورجلان وغول إبراهيم عضو حلقة العزابة بقصر أتمليشت الذين يعتبرون ممن عاشروا الشيخ الناصر حيث تطرقوا إلى شمائله وصفاته وأخلاقه التي اقتبسها من القرآن الكريم والسنة، حيث عبروا عن صفاء قلبه وحبه للعلماء ومجالستهم للاستزادة، فكان نعم الأستاذ والمربي بحكم وسطيته في المعاملة فجمع بين التبسيط والواقعيّة، وكما عرف بنوادره وطيبته وتواضعه، فكل هذا أكسبه مكانة كبيرة في قلوب محبيه، فكان يستقبل استقبالا رسميا حين زيارته لسلطنة عمان على سبيل المثال. وقبل الختام كان هناك مداخلات عدة منها مداخلة أحمد حماني التجاني الذي يعتبر من أعيان المجتمع المالكي بالقرارة وأحد تلاميذ الشيخ الناصر، حيث عبّر عن مناقب الشيخ بقوله كنا نشعر بأنس كبير في حصصه وكنا نتمنى وقت حصته التي يقضي وقتها مسرعا، وكما تطرق إلى الميزة التي كان يتميز بها الشيخ وهي حفظ الأنساب والألقاب.