بحلول نهار اليوم الثامن عشر نوفمبر، يستعيد الجزائريون ذكريات اللقاء الفاصل الذي خاضه أشبال المدرب رابح سعدان، بأم درمان السودانية أمام المنتخب المصري، في لقاء فاصل من اجل بلوغ مونديال جنوب إفريقيا. بعد أربعة أيام من اللقاء الذي جمع المنتخبين الجزائري والمصري بملعب ناصر بالقاهرة، والذي انتهى بفوز منتخب مصر بهدفين لصفر، استوجب إجراء لقاء فاصل بين المنتخبين، في بيلد محايد، وقد أسفرت علمية القرعة التي أشرفت عليها الاتحادية الدولية لكرة القدم بمعية ممثل عن التحاد الإفريقي، السودان بدلا من تونس كما كان يؤمله رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم وجميع العناصر الوطينة وكل الجزائريين، على اعتبار ان تونس تمثل للجزائريين ولاية جزائرية، لكن حتى وان ابتسم الحظ في عملية القرعة لما كان يتمناه رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر الا ان الخرجة التي لم يكن ينتظرها المصريون، والتي قام بها الرجل الأول في الدولة الجزائرية السيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بوضع جسر جوي يربط الجزائر العاصمة بالخرطوم، جعل ملعب ام درمان اشبه بملعب تشاكر، ففي ظرف قياسي تنقل الى السودان ما يناهز العشرة ألاف مناصر جزائري، حاملين معهم الرايات الوطنية، والكل ينشد نغمة واحدة "النصر لخضر" والجزائر في المونديال. قبل اربع ساعات عن موعد انطلاقة اللقاء كان ملعب ام درمان ممتلا عن اخرها، غالبيتهم من الجزائريين، الأمر الذي أدهش المصريين، ولم يصدقوا ان هذا العدد الهائل من انصار" الخضر" قد قدموا من ارض المليون ونصف المليون شهيد، الأمر الذي ادخل الرعب قلوب اللاعبين المصريين، فما ان دخلوا الى أرضية الميدان قبل ساعة لتسخين عضلاتهم تحسبا لقاء وا1ذا بهم يصطدمون بحناجر أكثر من عشرة ألاف جزائري، وهو يعنون " وان تو ثري فيفا لالجيري" فاحس زملاء احمد حسن، بخوف شديد، الأمر الذي اثر على معنوياتهم قبل انطلاقة اللقاء. مقابل ذلك شعر زملاء الحارس شاوشي الذي شيخوض بالمناسبة او لقاء له ضمن التشكيلة الوطنية خلفا لحارس الأساسي ولناس قاواوي بسبب وجوده تحت طائلة العقوبة بعد حصوله على البطاقة الصفراء في لقاء القاهرة. هدف عنتر يحي يقتل المصريين انتظر العرب والملايين من وراء شاشات التلفزيون الدقيقة ال40 من الشوط الأول احرزه عنتر يحيى بقذفة صاروخية اسكنها براعة شباك الخارس المصري عصام الحضري قاد " بها منتخبنا الوطني إلى ثالث نهائيات كأس عالم 3 بعبد دورتي اسبانيا عام 1982 والمكسيك 1986 سيناريو اللقاء بدأ مدرب مصر حسن شحاتة المباراة بتشكيل هجومي بإشراك عمرو زكي وعماد متعب في الهجوم ومن خلفهما محمد أبو تريكة. أما رابح سعدان مدرب "الخضر" فبدا أنه يعتمد بشكل أساسي في خطته الهجومية على كريم زياني ورفيق صايفي ويزيد منصوري وعبد القادر غزال. بدأت المباراة سريعا بهجمة مصرية في الدقيقة الأولى لتصل الكرة إلى عماد متعب سددها ضعيفة في يد الحارس الجزائري. ويرد هجوم الجزائر برأسية امسكها الحارس المصري عصام الحضري،وفي الدقيقة الخامسة ينقذ فوزي شاوشي مرماه من رأسية عبد الظاهر السقا. وفي الدقيقة 15 أخطر فرصة للمنتخب الجزائري بتسديدة عنتر يحيى من داخل منطقة الجزاء ولكن الحضري أنقذ الكرة بقدمه معوضا خطأه في البداية في تقدير التعامل مع كرة عالية من ضربة حرة، هذه الفرصة منحت الثقة للمنتخب الجزائري ويفرض سيطرته على وسط الملعب ويرسل نذير بلحاج عرضية خطيرة يمسكها الحضري ويشترك معه عبد القادر غزال ويحصل على إنذار. ويستشعر المصريون الخطورة ويواصلون التحرك الهجومي من خلال انطلاقات احمد المحمدي وسيد معوض وتحركات زكي ومتعب. وبدا أيضا تفوق المدافعين الجزائريين عنتر يحيى ومجيد بوقرة في الكرات المشتركة والعالية، ويعود الهجوم الجزائري إلى تهديد مرمى الحضري الذي أبعد بصعوبة عرضية نذير بلحاج في الدقيقة 29. وفي الدقيقة 30 أول تهديد مصري حقيقي على مرمى الجزائر بكرة عرضية قابلها محمد أبوتريكة بتسديدة مباشرة وذهبت الكرة بجوار المرمى. وفي الدقيقة 33 يخطف المحمدي الكرة داخل منطقة جزاء الجزائر ويسددها أرضية أبعدها الحارس الجزائري منقذا مرماه من هدف محقق. ثم يعود هجوم الجزائر لإرسال الكرات العرضية الخطيرة ويفضل عبد الظاهر السقا في التعامل مع إحدى هذه الكرة لتصل إلى عنتر يحيى الذي سددها صاروخية في شباك الحضري في الدقيقة 40. ويهاجم المصريون بشراسة بعد الهدف ولكن هجماتهم افتقدت الخطورة الحقيقة لينتهي الشوط الأول بتقدم منتخبينا الوطني بهدف يتيم لكن وزنه من ذهب. بداية الشوط الثاني يدفع حسن شحاتة بمحمد زيدان بدلا من عمرو زكي حسني عبد ربه بديلا لأحمد فتحي، يسيطر لاعبو مصر على الكرة كثيرا ولكن دون ترجمة ذلك إلى فرص خطيرة على المرمى الجزائري نتيجة تفوق مدافعي الجزائر في الرقابة والضغط على مفاتيح لعب مصر خاصة أبو تريكة ومتعب. ويجري سعدان أول تغيير بإخراج مراد مغني والدفع بفتحي جيلاس في الدقيقة 57. ويلعب "الخضر" بدفاع منطقة محكم مام دفع لاعبي مصر للاعتماد على الكرات الطويلة التي كان معظمها من نصيب دفاع الجزائر والحارس فوزي شاوشي. وفي الدقيقة 60 يكاد مراد مغني يضيف هدف التعزيز برأسية أنقذها الحضري، وفي الدقيقة 61 تضيع فرصة خطيرة من مصر بفضل الحارس الشاوشي الذي تصدى لتسديدة عماد متعب بعد تمريرة متقنة من محمد زيدان. الدقيقة 71 تألق فوزي شاوشي وأنقذ شباكه من انفراد محمد أبو تريكة الذي كان حينها أقرب فرصة مصرية للتهديف، ويتماسك الدفاع الجزائري وسط ارتداد لجميع لاعبي الجزائر إلى نصف ملعبهم مع الاعتماد على الهجمات المرتدة مما صعب من مهمة لاعبي مصر خاصة وأن أبو تريكة كان مراقبا وبدا التأثر الواضح لحسني عبد ربه بإصابته. ويستمر الهجوم المصري الذي عابه الإكثار من الكرات العالية التي كانت من نصيب لاعبي منتخبنا الوطني. وفي الدقيقة الثالثة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع يضيع أبو تريكة أخر فرصة لتحقيق التعادل. ويطلق الحكم صافرة النهاية لتنطلق فرحة الجزائريين بالتأهل إلى كأس العالم، وأصبحت الجزائر بذلك المنتخب العربي الوحيد في مونديال جنوب أفريقيا. المصريون لم يتجرعوا مرارة الخسارة لم يتجرع المصريون مرارة الخسارة، بل مرارة الإقصاء والفشل لبلوغ نهائيات كاس العالم، وراح- اعلاميوا هذا البلد يطلقون سهامهم العدائية ضد الجزائر، وقد وصل الأمر بمثقفي خذا البلد الى حرق الراية الوطنية وهو يتباهون بذلك أمام كاميرات تلفزيونات العالم، وكان بهاته الراية راية اليهود، متناسيين انها ملطخة بدماء أكثر من مليوني شهيد جزائري. أبطال الجزائر فعلوها وابكوا 80 مليون مصري، فحتى وان لم يقدم منتخبنا الكثير في مونديال جنوب إفريقيا، بتحقيقه لتعدل واحد أمام انجلترا بدون اهداف وخسارتين أمام سلوفينيا 1/0 وبنفس النتيجة أمام المنتخب الأمريكي، يكفينا شرفا كجزائريين ان منتخبنا كان المنتخب العربي الوحيد في هذا المونديال.