سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن بعض الفرق المعاصرة التي تعقد البيعة لأمرائها الذين يختارونهم من أنفسهم، ويرون وجوب السمع والطاعة لهم، وعدم نقض بيعتهم وهم تحت ولاة الأمراء الشرعيين الذين بايعهم عموم المسلمين. هل يجوز ذلك؟ أي بمعنى أن يكون في عنق الفرد أكثر من بيعة وما مدى صحة هذه البيعات؟[1] فأجاب سماحته رحمه الله : هذه البيعة باطلة ولا يجوز فعلها؛ لأنها تفضي إلى شق العصا، ووجود الفتن الكثيرة، والخروج على ولاة الأمور بغير وجه شرعي. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة)[2]. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أُمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة)[3]. وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)[4]. وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعنّ يداً من طاعة)[5]. والأحاديث في ذلك كثيرة جداً، كلها دالة على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر في المعروف وعدم جواز الخروج عليهم، إلا أن يأتوا كفراً بواحاً عند الخارجين عليهم فيه من الله برهان. ولا شك أن وجود البيعة لبعض الناس يفضي إلى شق العصا، والخروج على ولي الأمر العام فوجب تركه، وحرم فعله، ثم إنه يجب على من رأى من أميره كفراً بواحاً أن يناصحه حتى يدع ذلك، ولا يجوز الخروج عليه، إذا كان الخروج يترتب عليه شر أكثر؛ لأن المنكر لا يُزال بأنكر منه، كما نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله، كشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم رحمة الله عليهما، والله ولي التوفيق.