تمّ مؤخّرا تصنيف موقع المدينة القديمة إيشوقان الأثري ببلدية فم الطوب الواقع على بعد 35 كلم جنوب شرق مدينة باتنة تراثا وطنيا، حسب ما أفاد به مدير الثقافة السيّد عبد اللّه بوفندورة. بذلك يرتفع عدد المواقع الأثرية المصنّفة في هذه الولاية إلى 25 موقعا مصنّفا إلى حدّ الآن ما بين عالمي، على غرار تيمفاد ووطني كإيشوقان، وكذا معالم أخرى كتراث محلّي، حسب ما صرّح به نفس المسؤول لوكالة الأنباء الجزائرية، وأفاد بأن أهمّية هذا التصنيف تتجلّى في كون إيشوقان موقع مُهمّ وأساسي لمعرفة أصول الحضارة النوميدية، إلى جانب نجاته من استمرار الاستيطان عكس ما حدث لمواقع أخرى مماثلة مثل سيرتا القديمة أو قسنطينة الحديثة. وحسب مختصّين في علم الآثار فإن إيشوقان تتوفّر على كلّ المظاهر التي تشهد على حضارة شعوب فجر التاريخ من سكن وثقافة وضريح ومقبرة في عين المكان، كما تتواجد بها عدّة أصناف من المقابر، خاصّة النموذج الأصلي للعمارة الجنائزية العلمية مثل الضريح الملكي إمدغاسن الذي يقع على بعد حوالي 32 كلم شمال غرب هذا المكان. وإيشوقان أو إيشوكان هو بقايا مدينة نوميدية قديمة بقبور حجرية ضخمة يتراوح طولها بين 6 و8 أمتار تبدو في أشكال دائرية تقع في بلدية فم الطوب بجبال الأوراس في منفذ لطريق طبيعي يتّصل من داخل جبل بسهل تيمفاد. للإشارة، فإن هذا الموقع عبارة عن مجموعة سكن محصّن (7 هكتارات) أو مدينة مرتفعة محصّنة على شكل ناتئ أو هضبة منصوبة على شكل رأس رمح في ملتقى واديين عميقين، يدعى الأول (خنقة سبع رقود) من جهة الشرق والثاني يعرف (خنقة لاخرة) من جهة الغرب ومحمية من جهة الجنوب بسور مزدوج على شكل مضيق تدعى (فم قسنطينة). وقد جاء في الأطلس الأثري (ستيفان) أن (خنقة سبع رقود) التي تعدّ مغارة طبيعية موجودة في إحدى الصخور المطلّة على الوادي ويمكن الوصول إليها بعد تسلّق الصخرة كانت ملجأ لملوك البربر خلال الفترة الرومانية-البيزنطية ومنهم الملك يابداس. وحسب ما رصدته وكالة الأنباء الجزائرية خلال تحقيق ميداني أجرته على هذا الموقع الأثري في شهر أوت من سنة 2010 فإن المقابر أخذت تسميتها من المنطقة فأصبحت تدعى إيشوقان، في حين ذكر آنذاك عضو في جمعية إيشوقان الثقافية والعلمية بفم الطوب السيّد وليد سعادنة وليد أن إيشوقان جمع مفرده إيشوق ومعناه مستنقع كثير الوحل يصعب الخروج منه، ومن هنا جاء اسم المكان الذي شهد حروبا طاحنة بين النوميديين. أمّا الشوشات (بعض أجزاء المقابر القديمة) بمقابر إيشوقان فتشير الأبحاث التاريخية إلى أنها كانت أولى المدافن التي جلبت انتباه علماء الآثار وفي مقدّمتهم في بادئ الأمر العسكري الفرنسي بايان الذي قام سنة 1859 بحملة تحري مكنته من اكتشافها لتنشر نتائجها في سنة 1863 إلا أنها تضمنت استناد إلى ذات المصادر وصفا أدبيا وقصصا حول الشوشات التي قال إن أصلها يرجع إلى ما قبل الإسلام، وأن اسمها مستوحى من التشابه بين هذه المباني والقبّعات التي يضعها رجال المنطقة على رؤوسهم. وعاب بعض المؤرّخين على مستكشفي الموقع في القرن 19 وبداية القرن العشرين ومنهم بايان أنهم ركّزوا على المقابر الميغاليتية وتجاهلوا آثار المنازل التي تشبه إلى حدّ بعيد منازل القرى الأوراسية . ويتميّز موقع إيشوقان في أوساط محبّي الطبيعة بجمال أخّاذ زاد من سحره والرغبة في اكتشافه تلك الأساطير التي نسجها حوله سكان المنطقة على مرّ الزمان، لا سيّما فيما يخص مغارتي سبع رقود و(خنقة لاخرة).