غريب هو أمر من يفترض أن يكونوا نواب الشعب في البرلمان الجزائري، فمن جهة يشددون على ضرورة ترشيد النفقات العمومية و التقشف في ظرف يتميّز بانخفاض أسعار النفط، يطالبون في الجانب الآخر بزيادة أجورهم العالية أصلا، يحدث هذا في وقت أقدم فيه مسؤولو عدة بلدان معنية بأزمة البترول على غرار فنزويلا على تخفيض رواتبهم في إطار تخفيضات في الميزانية لمواجهة الأزمة العالمية! دعا نواب المجلس الشعبي الوطني الحكومة إلى ترشيد النفقات العمومية وتسيير أفضل للمداخيل لا سيما تلك الخاصة بالمحروقات في ظرف يتميز بانخفاض أسعار النفط. وأوصى عديد النواب خلال دراسة مشروع قانون ضبط الميزانية لسنة 2012 بتقليص النفقات العمومية التي عرفت -حسبهم- ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة من خلال إلغاء تلك التي لا تكتسي طابعا حيويا على غرار التظاهرات الثقافية وذلك من اجل مواجهة انخفاض الإيرادات النفطية. في هذا الصدد، تساءل النائب لخضر بن خلاف عن حزب العدالة والتنمية كيف يعقل أن تمنح الدولة مساعدات مالية لجمعيات ومنظمات وهمية لم تقدم تقاريرها كما يقتضيه القانون . كما ندد ذات النائب بارتفاع عدد الحسابات الخاصة و تحويل بعض مخصّصاتها لمشاريع أخرى غير التي أنشئت لها. أما النائب عبد الغاني بودبوز عن تحالف الجزائر الخضراء فقد قال إننا نريد التأكد من أن الميزانيات التي صرفت قد وجهت فعلا إلى التنمية ، مؤكدا على ضرورة تحديث أدوات مراقبة تسيير الأموال العمومية. وبخصوص الفوارق المسجلة بين توقعات وإنجازات الميزانيات موضوع قانون ضبط الميزانية اعتبر بعض النواب أن تلك الفوارق تبقى كبيرة مرجعين ذلك إلى غياب رؤية واضحة في إعداد قوانين المالية. ومن المفارقات المحيرة أن هذا التقشف الذي رافع من أجله نواب الشعب في البرلمان الجزائري، والذي يريدون من خلاله تقليص دعم الدولة للجمعيات والشباب الشغيل والتظاهرات العلمية والثقافية، يبدو أنه لا يعنيهم، وإلا فكيف نفسّر إصرارهم في عز أزمة البترول التي تضرب الجزائر على المطالبة بزيادة أجورهم العالية أصلا.؟ وفي السياق أكدت مصادر مطلعة أن النواب مصرّون على المطالبة بإعادة النظر في حساب راتبهم الشهري حيث اقترحوا ضمن مشروع قانون جديد تم تسريبه قبل أيام أن يحسب راتبهم على أساس أعلى نقطة استدلالية في الوظيف العمومي لإطارات الدولة. حيث أنهم يريدون رواتب مماثلة لرواتب الوزراء، إذ يقترحون أن يكون راتب رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة مماثلا لراتب الوزير الأول. بينما يتلقى نواب البرلمان بغرفتيه الراتب نفسه الذي يتقاضاه الوزير، إضافة إلى منحة المسوؤلية، وهي منحة يقول عنها النواب مقترحو المشروع إنها منحة شهرية عن الثمثيل النيابي تمثل 50 في المائة من الراتب الأساسي. وفي نفس الوقت الذي يُطالب فيه نُوابنا بزيادة أجورهم في عز أزمة البترول التي تضرب الاقتصاد الجزائري باعتراف الوزير الأول عبد المالك سلال مؤخرا، أقدم نواب شعب ومسؤولون في دول أخرى معنية بأزمة النفط على المبادرة بتخفيض رواتبهم الشهرية بمجرد انهيار أسعار النفط العالمية بسبب قرار منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك عدم خفض سقف الإنتاج، من بينهم مسؤولون سامون في فنزويلا يتقدمهم الرئيس نيكولاس مادورو فضلا عن كبار الموظفين والوزراء والوزراء المنتدبين ورؤساء المؤسسات الحكومية والنواب، هؤلاء اقتطعوا أجزاء معتبرة من رواتبهم في إطار تخفيضات في الميزانية ردا على انخفاض أسعار النفط.