تكثّف السلطات الألمانية إجراءاتها الاحترازية على أكثر من صعيد، ويأخذ (الأمن الالكتروني) حيّزا كبيرا من عملها رغم بعض المشكلات التقنية التي تواجهها. بعدما كشفت أجهزة المخابرات عن (خلايا إرهابية نائمة) في البلاد بدأت السلطات الأمنية تطالب بتوسيع صلاحياتها لتتمكّن من القيام بعملها من دون أيّ عوائق، ومن المتوقّع أن يكون هذا الأمر موضع نقاش خلال مؤتمر الأمن الذي تستضيفه ميونيخ أوائل الشهر المقبل نتيجة التهديدات التي تطال الاتحاد الأوروبي. ووفق بيانات (المكتب الاتحادي لحماية الدستور) أو ما يُعرف ب (وكالة المخابرات الألمانية الداخلية) فإن أكثر من مائة خلية من الجماعات الإسلامية المتطرّفة والشبكات الإرهابية ضالعة في التخطيط لأعمال إجرامية في البلاد، من بين عناصرها 350 شخص على تواصل مع مجموعات متطرّفة تشارك في القتال في سورية والعراق، ويؤكّد أن جميعهم باتوا موضع متابعة ومراقبة حثيثة من قِبل السلطات الأمنية. وعلى الرغم من تكثيف إجراءاتها الوقائية لم تتمكّن المخابرات الألمانية حتى الآن من تحديد مكان تواجدهم، وهي تواجه في هذا الإطار صعوبات قانونية وتقنية بسبب اعتماد المخرّبين على غرف دردشة مغلقة أو اتّخاذهم تدابير دفاعية وقائية من الممكن أن تؤخّر أو تعيق خطط الرصد المتّبعة لمواجهة الخطر في ظروف مماثلة. يتراوح عدد أفراد كلّ شبكة بين 10 و80 شخصا تتوزّع الأدوار في ما بينهم * مخبرون في الأحياء يقدّر رئيس جهاز حماية الدستور في برلين (الاستخبارات الداخلية) بيرند بالندا عدد المتطرّفين ب 620 شخص، علما بأن عدد المستعدّين منهم للعنف قد ارتفع من مائة في عام 2011 إلى 330 شخص اليوم. وكانت إدارة (الداخلية) في برلين قد قدّرت العام الماضي عدد السلفيين ب 570 شخص، منهم 290 شخص لديهم استعدادا للعنف. ويعني هذا التطوّر وفق بالندا زيادة المخاطر. ويشير مسؤولون أمنيون إلى عقبات أخرى تواجههم خلال عمليات التحرّي الالكترونية وهي أن أفراد تلك الشبكات يستخدمون رموزا مشفّرة بالكاد تكون مرئية بالنّسبة للسلطات، بالإضافة إلى مشكلات كبيرة في ترجمة رسائل الهواتف والبريد الالكتروني بسبب تعدّد اللّغات التي يستخدمونها. وفي سياق متّصل، يوضّح رئيس نقابة الشرطة الألمانية راينر يندت في تصريحات صحفية أنه (في كثير من الأحيان يتمّ تجنيد مخبرين من داخل البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها هؤلاء الأشخاص لإيفادنا بالمعلومات المطلوبة). ومن المتوقّع أن تأخذ هذه القضية حيّزا من المناقشات خلال مؤتمر الأمن الذي يعقد في ميونخ أوائل فيفري المقبل بعد التهديد المتزايد الذي طال أوروبا، وبالتالي مطالبة الاتحاد الأوروبي بتبنّي سياسة جديدة في ما يخصّ حركة مرور البيانات، خصوصا وأنه يتمّ التعامل حاليا مع نوعية جديدة من الهجمات الإرهابية سبق وأن عرفها الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان ومن قبل أشخاص مدرّبون للقيام بذلك. * كاميرات في الأماكن العامّة يطالب 72 في المائة من الألمان المشاركين في استطلاع رأي أجراه معهد (إيمنيد) لصحيفة (بيلد آم زونتاغ) بتوسيع المراقبة بالفيديو وتركيب المزيد من الكاميرات في الأماكن العامّة، فيما يعارض 26 في المائة فقط هذه الخطوة. وفي إطار ملاحقة المجموعات المتطرّفة داهمت الشرطة الألمانية في الأيّام القليلة الماضية منازل داعمين محتملين لتنظيم (الدولة الإسلامية.. داعش) في كلّ من برلين وفولسبورغ وبوتسدام وألقت القبض على عدد منهم للاشتباه في تخطيطهم لأعمال إرهابية. وكشف الادّعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه (جنوب) عن تحرّيات جارية حول رجل وامرأة يقيمان في مدينة مانهايم للاشتباه فيهما أيضا وتواصلهما مع الشبكات الإرهابية. ومثُل أحد المشتبه بهم أمام محكمة ميونيخ الألمانية بتهمة القتل الجماعي ومحاولة التحريض على القتل والإعداد لجرائم تعرّض أمن الدولة لخطر جسيم في سوريا.