لفت انتباه الكل الحضور القوي للسوريين على مستوى الطرق السريعة وأكثرهم من النسوة والأطفال الذين باتوا ينتشرون انتشارا كبيرا واختاروا الابتعاد عن التسول عبر الشوارع بممارسة حرف بسيطة تتمثل في بيع المناديل الورقية وكتيبات تحوي آيات قرآنية أو كما يعرف لدى الجميع ب (حصن المسلم)، وظهروا بمظهر مؤثر جدا جلب استعطاف الناس الذين أقبلوا على شراء تلك المقتنيات من باب مساعدتهم، ولفت انتباهنا مؤخرا مشهد لأم وأطفالها وهي تحتمي بأغصان الأشجار في الشريط الفاصل بين الطريق السريع بمنطقة (لاكوت) وكان يوم شتوي بارد، بحيث همت إلى بيع المناديل وعرضها على السائقين فيما تركت طفلتيها الشقراوتين تحتميان بأغصان الأشجار من جراء الأمطار الغزيرة والبرودة العالية التي شهدها ذلك اليوم الشتوي. بحيث تجاوب الناس معهم على خلاف المتسولين الأفارقة الذين غزوا شوارع العاصمة فيما سبق ومارسوا التسوّل بطريقة مباشرة بدليل المداخيل المعتبرة التي كانوا يجنونها من حرفة التسول، حتى أنهم بصموا على كرم الجزائريين، لكن النازحين السوريين لجأوا إلى طريقة أخرى تحفظ لهم كرامتهم بتوجههم إلى بيع بعض المقتنيات المستعملة كثيرا، وعرضها على العابرين الذين لا يتوانون على اقتنائها ورحبوا بالفكرة كثيرا من باب مساعدتهم. اقتربنا من بعض المواطنين من أجل رصد آرائهم حول الحضور القوي للسوريين عبر الطرق السريعة خاصة، لمزاولة تلك التجارة البسيطة التي تفرج عنهم كربتهم ولو بصفة ضئيلة فكانت آراء تصب في وعاء التعاطف والمساندة لهؤلاء كإخوة عرب هم في أمس الحاجة ليد المساعدة بعد المحنة التي أصابت وطنهم. إحدى الأوانس قالت إنها تتأقلم مع حضور هؤلاء على خلاف ما سبق أين كان يؤرقها غزو اللاجئين الأفارقة للشوارع ومنظرهم المقزز للأنفس حتى أنهم مارسوا التسول وكانوا يلحون على طلب الصدقة من العابرين على خلاف السوريين الذين نجدهم يطلبون المساعدة بطريقة لبقة ومشرفة لا تمس كرامتهم بامتهانهم تجارة الأشياء البسيطة عبر الطرقات، حتى أن هيأتهم نظيفة وظهرت نساؤهم بحجابهن الشرعي واخترن بيع (كتيبات) تحوي آيات قرآنية وأحاديث، وهي طريقة مثلى للاسترزاق تحفظ لهم كرامتهم وظهر التجاوب الكبير للمواطنين معهم. مواطن آخر قال إنه شد انتباهه بالفعل حضور النسوة خاصة مع أبنائهن في صور تجلب الشفقة واستعطاف الناس، وأضاف أنه شخصيا اغتاظ لحالهم كثيرا وعادة ما يشتري منهم الحاجيات التي يعرضونها ويضيف لهم النقود من باب المساعدة والرحمة بهم لاسيما مع الأوضاع السيئة التي تعيشها بلادهم واضطرارهم إلى الهجرة بحثا عن الأمان. وبالفعل لم يشكل حضور اللاجئين السوريين إزعاجا للمواطنين بحكم اتحاد الديانة والعادات والتقاليد وكذا مظاهر الاحتشام التي ظهرت بها النسوة السوريات عبر الشوارع وتوشحهن بحجاباتهن التي زادتهن بهاء وهن بمحاذاة أبنائهن الصغار في صور الملاك، حتى أنهم ابتعدوا عن التسول حفاظا على كرامتهم وشرفهم واختاروا احتراف أنواع التجارة البسيطة التي تسد رمقهم ورمق أبنائهم، حتى أنهم ظهروا هادئين بعيدا عن الهمجية التي أظهرها النازحون الأفارقة في وقت سابق عبر الشوارع ووسائل النقل وغيرها من الأماكن، قبل ترحيلهم إلى مواطنهم الأصلية.