بمجرد اقتراب أول محرم، يبدأ الجزائريون في التحضير للاحتفال بهذه المناسبة الدينية العزيزة والغالية على قلوبهم، وذلك بطرق مختلفة، تصب كلها في إحياء هذه الليلة المباركة، بإعداد أشهى وألذ الأطباق التقليدية، بالإضافة إلى اقتناء بعض الأغراض التي لا تتوفر إلا خلال الأول من محرم كل سنة، وعلى رأسها حلويات "التراس" أو "الدراز" مثلما يسميها البعض، ولا تتنازل العائلات الجزائرية عن اقتناء كميات من هذه الحلوى الشهيرة، حتى وان كانت كميات قليلة، تفاؤلا بأن تكون السنة الجديدة سنة حلوة وسنة وخير وبركة، عبر العديد من الأسواق الشعبية والمحلات بالعاصمة، يعرض التجار وباعة المواد الغذائية هذه النوعية من الحلوى، ناهيك عن وجود محلات متخصصة فيها تبيعها على مدار السنة، وتزيد من عرضها بطرق متنوعة وجديدة مع اقتراب الأول من محرم. والملاحظ انه ومع اقتراب المناسبة، تبدأ الكثير من المحلات في عرض العجائن والمأكولات الخاصة بالأول من محرم، خاصة وان الكثير من السيدات يفضلن اقتناءَها جاهزة، عوضا عن تحضيرها في البيت، كالرشتة والكسكسي والشخشوخة، وإن كانت كافة الأنواع السابقة وغيرها تُعرض على مدار السنة في الكثير من المحلات والأسواق، إلا أن أسعارها تشهد ارتفاعا نسبيا قد يصل إلى حوالي 30 دج عند اقتراب بعض المناسبات الدينية الشهيرة كأول محرم وعاشوراء والمولد النبوي الشريف، وهي المناسبات التي يحرص الجزائريون الحرص كله، على إعداد أطباق تقليدية خالصة فيها، تكون في الغالب مرفوقة بالدجاج أو اللحم. كما دأبت العائلات الجزائرية على اقتناء حلويات "التراس" منذ عدة عقود، وهي حلوى تتكون بالأساس من بعض المكسرات كاللوز والجوز والفول السوداني، بالإضافة إلى الشوكولاطة والتمر والقسطل، وكذا أنواع أخرى من الحلويات المختلفة الأشكال والألوان والأذواق، حيث يتم خلطها جميعا وبيعها بالكيلوغرام الذي يصل سعره إلى 400 أو 500 دج، أو حسب الكمية التي يريد اقتناءَها كل مواطن تبعا لقدرته الشرائية، وهي حلويات كثيرا ما تدخل البهجة والفرحة على نفوس الصغار والكبار معا، نظرا لما تختزنه عقول هؤلاء منذ أجيال كثيرة، من أنها فال خير وبركة في العام الجديد، ولا يمكن الاستغناء عنها، كي تكون السنة الجديدة مليئة بالبهجة والأنس والخيرات. ومن العادات المتَّبعة في هذا الإطار، أن تقوم بعض العائلات باختيار قصعة من الحجم الكبير، ووضع أصغر طفل في العائلة بداخلها، ثم صبِّ تلك الحلويات فوق رأسه، كي تكون السنة خصبة وحلوة أيضا، ثم يقومون بحمل تلك الحلويات وتوزيعها على بقية أفراد العائلة في أجواء أسرية حميمية، وإذا كان بعض الجزائريين يقبلون على شراء هذه الحلوى، فإن آخرين يعيبون على بعض التجار، لجوؤهم إلى تغيير كميات بعض المكونات فيها، وزيادة بعضها على حساب البعض الآخر، كمضاعفة كمية الحلويات والعلك والتمر، والتقليل من كميات الجوز واللوز، وهو ما يدفعهم إلى اقتناء هذه الأخيرة واقتناء أنواع أخرى من الشوكولاطة والحلويات، وصنع "التراس" بأنفسهم، بحسب رغباتهم.