لا تفوت الجزائريات أي مناسبة دينية دون تذكر العادات والتقاليد التي تميزيهم عن بقية الشعوب الأخرى، فالاحتفال برأس السنة الهجرية له خصوصيته التي تميزه، سواء من خلال تحضير وجبات خاصة بهذه المناسبة أو من خلال تجسيد بعض العادات والتقاليد التي تختلف من منطقة لأخرى، لكنها تشترك في التوقيت ذاته وهو التبرك بدخول عاشوراء ورأس السنة الهجرية. تنتظر الأسر الجزائرية حلول رأس السنة الهجرية، والأسبوع الذي يليها ويسبق يومي التاسع والعاشر من محرم لاستغلاله في تحضير بعض الأكلات التقليدية، كالمسمن والبغرير والكسكسي والشخشوخة وغيرها وإعطاء الفرصة للفتيات الصغيرات لعجن هذه المأكولات، وذلك لاعتقاد الأمهات والجدات أن العمل في هذه المدة يقوي الفتيات ويزيد من شطارتهن، كما يساعدهن على تحمل الصعوبات التي قد تواجههن في المستقبل، وهو ما تعتقده الكثير من النساء الكبيرات في السن من خلال حرصهن على عدم تفويت هذه المناسبة لتذكير حفيداتهن بضرورة التشمير عن سواعدهن لعجن بعض من المأكولات التقليدية التي يزيد الطلب عليها في هذه الفترة. كما أن الفتيات يجدن في المناسبة فرصة للتسلية والمنافسة على من تستطيع أن تقدم أشهى الأطباق التقليدية. وحتى إن بدأ هذا التقليد في الانحسار شيئا فشيئا في المناطق الحضرية، إلا أن المدن الداخلية لا تزال متمسكة به إلى أبعد الحدود، فلا تكاد السنة الهجرية تدخل إلا وتبدأ الأسر في التحضير لها، فاليوم الأول من محرم يجب أن يكون مناسبة لتحضير أكلة تقليدية باللحم أو بالدجاج وغالبا ما تخبئ بعض الأسر قطعا من لحم أضحية العيد لتحضر بها الطبق الأول لرأس السنة الهجرية، ولكن هذه العادة قلت وأصبحت الأسر الجزائرية تفضل اقتناء الدجاج للاحتفال بهذه المناسبة لكنها لاتزال تحرص على أن تقوم الفتيات بتحضير العشاء لتلك الليلة المباركة. زكاة الشعر تقليد متوارث لاتزال الكثير من الأسر تفضل الإبقاء على بعض العادات التي التصقت بمناسبة عاشوراء خاصة في المناطق الداخلية التي بقيت محافظة على جزء كبير من التقاليد الضاربة في القدم مثل تقطيع جزء قليل من شعر الفتاة ليزيد حجم الشعر خلال السنة المقبلة، ووضع الكحل للحفاظ على جمال العيون وصحتها أيضا خلال السنة المقبلة. ولا تستثني الأسر أي فتاة من هذه العملية حتى إن ولدت في ذلك اليوم، فالجميع ملزمات بوضع الكحل والتقليل من الشعر. وتؤكد السيدات أن ذلك نوع من زكاة البدن فكما يخرج صاحب المال نصاب الزكاة في هذا الشهر من ماله تقطع الفتيات قليلا من شعرهن كنوع من الزكاة ليزيد ويكبر على ما كان عليه. ومن الملاحظ أن هذه العادات لاتزال تفرض نفسها في كثير من مناطق الوطن خاصة في الولايات الداخلية منها. ورغم دخول رياح العصرنة بقوة على الساحة، إلا أن جمالية بعض التقاليد وخصوصيتها جعلتها تتواصل وتستمر حتى في الأوساط الشبابية التي تجد في تذكر العادات والتقاليد متعة ونوعا من التسلية خاصة فيما يتعلق بتحضير الأكلات التقليدية، حيث تجتمع فتيات الأسرة الواحدة في المطبخ لصنع أنواع مختلفة من المأكولات التقليدية التي تتناولها الأسرة الكبيرة سواء مع القهوة كالمسمن أو في العشاء كالشخشوخة التي تتطلب اشتراك أكثر من فتاة لتحضيرها، وهوما يخلق جوا من المتعة داخل الأسرة الكبيرة. كما تحرص الفتيات على تبادل الأطباق التي حضرنها بهذه المناسبة مع جاراتهن وصديقاتهن، لإشاعة جو من الفرحة لاستقبال العام الجديد. وهو نفس الشعور الذي كان سائدا في القدم، كما تؤكده السيدات اللاتي تحدثنا إليهن، لكن حلاوته كانت اكبر بكثير عما هي عليه الآن نظرا لارتباط الأسر الجزائرية ببعضها البعض بشكل أكبر وتماسكها وهو ما قل في السنوات الأخيرة بسبب مشاغل الحياة. لكن المناسبات الدينية لاتزال لحد الآن تحافظ نوعا ما على جزء من هذا الترابط المميز.