تبدو الحملة التي تشنّها قوّات الجيش والشرطة المصرية على المسلّحين مفتوحة، لتتزايد معها معاناة أهالي سيناء الذين يدفعون ضريبتها من أرواحهم ويجدون أنفسهم في حيرة بالغة بشأن جدوى تلك الحملة مع المسلّحين الذين نظّموا عرضا عسكريا يضمّ مضادّات للطائرات. يتجاوز عدد المدنيين ضحايا الحملة التي تقوم بها قوّات الجيش والشرطة في سيناء عدد المسلّحين الذين تعلن السلطات المصرية مقتلهم هناك. ومن بين هؤلاء الضحايا أطفال ونساء لا حول لهم أو قوّة قتلوا بغير ذنب، كما هدمت منازل وأبيدت مزارع ودمّرت مدارس ومستشفيات، حتى أفران الخبز لم تسلم هي الأخرى من الآلة الحربية التي بدت عمياء تدمّر ما يصادفها. ويجد أهالي سيناء أنفسهم في حيرة بالغة وعجز عن تفسير ما أعلنه المتحدث العسكري في بيانه الأخير عن مقتل أكثر من مائه مسلح في شهر فيفري الماضي خلال حملة الجيش على المسلّحين في سيناء رغم أن ما يشاهدونه بأعينهم هو تنامي عدد هؤلاء المسلّحين وتطوّر قدراتهم يوما بعد آخر. ويتساءل الأهالي الذين يدفعون ضريبة تلك الحملة من أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبلهم عمّا فعلته طائرات (الأباتشي) والدعم الدولي. وازدادت حيرتهم بعد نشر (ولاية سيناء) عبر (تويتر) صورا لعروض عسكرية ومسيرات بالسلاح الثقيل في جنوبي رفح والشيخ زويد تظهر عددا كبيرا من المسلّحين في سيناء منتشرين بين القرى ويحملون أسلحة منها صواريخ (سام 6) المضادة للطيران حتى لا يتمّ استهداف مسيرتهم، كما تظهر أنهم يمتلكون أسلحة متطوّرة وثقيلة وسيّارات بلا لوحات. * قصف وضحايا يقول شهود عيان من جنوب الشيخ زويد إن مسلّحين يعتقد انتماؤهم (إلى ولاية سيناء) يمرّون بين القرى من حين إلى آخر في شكل عروض عسكرية (يحملون رايات مكتوب عليها ولاية سيناء وأسلحة ثقيلة منصوبة على سيّارات الدفع الرباعي في غياب تامّ للجيش أثناء تواجدهم). وقال أبو محمد المنيعي الذي يعيش في الشيخ زويد إن طائرات بلا طيّار (تخرج ليلا كلّ يوم لتقصف منازل وتقتل نساء وأطفالا بضربات عشوائية، ويعتقد الجيش أنه قتل فيها مسلّحين)، مضيفا أنه يعتقد أن تلك الطائرات إسرائيلية ويؤكّد أن مصر لم تستطع إخفاء دعم إسرائيل لها بعد التصريحات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة بشأن سيناء. وحول العرض العسكري الأخير لما يسمّى (ولاية سيناء) قال المنيعي (إن هذه العروض العسكرية تمرّ كلّ فترة في منطقة جنوبي رفح والشيخ زويد بسيّارات دفع رباعي تأخذ جميعها اللّون الرملي). أمّا أبو موسى زريعي -من جنوب الشيخ زويد- فقال (إن الجيش يشنّ حربا وهمية باسم الحملة على المسلّحين، لكنه لم يستطع القضاء عليهم حتى مع الاستعانة بالطائرات الإسرائيلية بلا طيّار)، وأوضح أن هذه الطائرات (قتلت في غارتها الأخيرة على قرى رفح الطفلتين أحلام سليمان عطا تسع سنوات وأختها ندى ستّ سنوات من قرية الماسورة برفح بعد أن رفض الإسعاف نقلهما، كما قتلت امرأتين من قبيلة الترابين عائلة الجهامات في منطقة الكيلو 17 جنوب رفح، ثمّ خرج البيان العسكري في اليوم التالي يتحدّث عن مقتل عدد من المسلّحين الإرهابيين). وعلّق أبو حذيفة السيناوي -من جنوب الشيخ زويد- قائلا: (استعراض عسكري لولاية سيناء ثمّ يذهب الجيش ومعه طائرات صهيونية بلا طيّار تقصف المدنيين من الأطفال والنّساء، ثمّ يخرج الجيش ويقول قتلنا إرهابيين). ومع استمرار تلك الحملة المفتوحة يظلّ أهل سيناء في حيرة من أمرهم ينتظرون من يفسّر لهم هذا التناقض بين حملة عسكرية متواصلة وقدرات متصاعدة للمسلّحين، مع عقاب جماعي للمدنيين ويذهب بمقوّمات حياتهم.