يتفق الكثير من الجزائريين على الاحتفال بيوم عاشوراء، وإحيائه من خلال صوم التاسع والعاشر منه أو العاشر والحادي عشر، كما تختلف طرق الاحتفال به من منطقة إلى أخرى، تبعا للعادات والتقاليد التي تشتهر بها كل واحدة منها، يظهر ذلك من خلال طريقة إحياء تلك الليلة والملابس التي يتم ارتداؤها فيها، وكذا تنوع الحلويات والأطباق والأكلات التقليدية التي يتم إعدادها في المناسبة، بالإضافة إلى عدد من الأعمال والتصرفات الأخرى التي قد نجهل أصولها وخلفياتها، تقترن بيوم عاشوراء وبغيره من المناسبات الدينية العديدة التي يحتفل بها الجزائريون عادة. ولعل أول ما يصادفنا في هذا الشأن وبغالبية مناطق الوطن هو حرص العائلات الجزائرية على إعداد كافة الأطباق والأكلات الخاصة بيوم عاشوراء بلحم الدجاج، وحبذا لو يكون دجاجا حيا أو "دجاج عرب" مثلما يفضل الجزائريون تسميته، حيث تقوم العائلات باقتناء دجاجة أو اثنتين والقيام بذبحهما في المنزل، اعتقادا بأن في إسالة الدم في المنزل، في هذا اليوم بالذات، فال حسن ومن شانه إبعاد العين الشريرة والحسد عن أصحاب البيت، وغالبا ما يتم اقتناء الدجاج الحي من الأسواق الشعبية أو أسواق بيع الدجاج، حيث تتراوح أسعارها ما بين 300 إلى 450 دج، كما قد يزيد السعر عن ذلك قليلا، باقتراب المناسبات التي تعرف رواجا لهذا النوع من الطيور. وبصفة عامة يحتفل الجزائريون بيوم عاشوراء بطقوس تتسم بالبهجة والسرور، حيث يجهزون مأكولات خاصة منها الرشتة والشخشوخة والكسكس وشوربة الفريك وتطبخ جميعها بلحم الدجاج لوجبة العشاء. غير أن هنالك عائلات تعيب على هذا النوع من الدجاج صعوبة طهيه، لأنه يستلزم وقتا طويلا، خاصة بالنسبة للنوع الأحمر منه، ولذلك فهم يفضلون اقتناء النوع الأبيض، أو شراء الدجاج المذبوح والمنظف مباشرة من محلات بيع اللحوم البيضاء، لمن لا يرغبون في مناظر الدم وعمليات تنظيف الدجاج ونزع ريشه، وإعداده التي تتطلب مجهودا ووقتا إضافيين، ومادام أن المهم لديهم هو إعداد الأطباق بالدجاج، فلا يهم بالتالي إن كان حيا في الأصل أو مذبوحا. وبالمقابل أيضا، فان هنالك فتاوى دينية اعتبرت أن الحرص على إسالة الدم في يوم عاشوراء والقيام بذبح الدجاج، فيه بدعة وهو أمر منكر، لا يجب على الناس السعي وراءه، وإنما عليهم تركه، لأنه قد يدخل في إطار الشرك والذبح لغير الله، ولم ترد أحاديث صحيحة عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قام بذلك ولا صحابته الكرام. ويدخل في سياق ذلك وضع الكحل اعتقادا أن من قام بذلك لن يمرض أبدا من عينيه، وكذا وضع الحناء والاغتسال في هذا اليوم بالذات، وهو ما تقول عنه بعض المصادر الدينية عن شيخ الإسلام ابن تيمية: "انه لم يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء ولا الكحل فيه والخضاب وأمثال ذلك، ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم ويرجع إليهم في معرفة ما أمر الله به ونهى عنه ولا فعل ذلك رسول الله ولا الخلفاء". هذا بالإضافة إلى بعض الأعمال والتصرفات الأخرى التي يعتقد بها الجزائريون أيضا، مثلهم مثل كثير من المسلمين والعرب، كتحريم الخياطة في عاشوراء لأن من يفعل ذلك تصاب يده بالارتعاش الأبدي. كما نجد كذلك القيام بقص الشعر تبركا بهذا اليوم واعتقادا بان ذلك يزيد من طوله وجماله، وقد عدَّ بعض الفقهاء خصائص عاشوراء وصلت إلى اثنتي عشرة خصلة، كلها لا أصل له عدا الصيام، ومنها "الصلاة والصوم وصلة الرحم والصدقة والاغتسال والاكتحال وزيارة عالم وعيادة مريض ومسح رأس اليتيم والتوسعة على العيال وتقليم الأظفار وقراءة سورة الإخلاص ألف مرة". وقد يظهر مما سبق أن كثيرا من الجزائريين، قد لا يعلمون حقيقة هذه البدع والخرافات، كما أن احتفالاتهم بهذا اليوم توارثوها منذ أجيال طويلة، دون أن يدركوا في بعض الأحيان أصلها أو حقيقتها، وهو ما يتطلب مزيدا من التحسيس والتوعية، حتى لا يقع الجزائريون في براثن الشرك من حيث لا يدركون.