ما حدث في جلسة محاكمة المتورطين في فضيحة سوناطراك أثار الكثير من علامات الاستفهام، فرغم إصرار هيئة المحكمة على المضي في المحاكمة والاستجابة لجميع طلبات هيئة الدفاع إلا أن هذه الأخيرة انسحبت دون سبب وجيه، خاصة وأن حجتها التي كانت قائمة على غياب الشهود قامت بحلها هيئة المحكمة وأمرت باستدعائهم باستخدام القوة العمومية، ليتحول بذلك تأجيل النظر في فضيحة سوناطراك إلى لغز كبير يجد كثيرون أنفسهم حائرين أمامه. جلسة المحاكمة سادها كثير من التناقض، فعلى غير العادة نلاحظ إصرارا كبيرا من القاضي رفاد محمد وتشكيلته على مباشرة إجراءات المحاكمة في فضيحة من العيار الثقيل، وهذا ما يعد سابقة أولى في القضاء الجزائري الذي عودنا على تأجيل هذا النوع من القضايا مرار وتكرارا لأتفه الأسباب. وقد توفرت في هذا الملف عدة أسباب، من بينها غياب مترجم اللغة الإيطالية الذي كان كافيا لتأجيله، غير أنه وفي وقت وجيز تم تكليف قوة عمومية أحضرت المترجمة في أقل من نصف ساعة. توفر جميع الوسائل المادية لم يخدم هيئة الدفاع في حد ذاتها التي فضلت أن يبقى المتهمون رهن الحبس مدة أخرى قد تصل إلى سنة على الشروع في المحاكمة، وبنت حجتها خاصة دفاع عائلة مزيان على أن الرأي العام أدانهم مسبقا بسبب عرض قنوات تلفزيونية لحصص أدانتهم من خلال نشرها لجزء من قرار إحالة، خاصة فيما يتعلق بامتلاكهم لفيلا في فرنسا وجعلوا المواطنين يتصورون أنهم قاموا بنهب أموال الشعب، وإن كانت هذه حجة مقنعة لدقائق قبل أن يثور هذا المحامي مجددا وينتقذ تواجد موكلة (مزيان محمد رضا) رهن الحبس المؤقت لمدة 5 سنوات وشهرين ووضعه الصحي جد خطير، ما دفعنا إلى السؤال عما يمنعه من الدفاع عن موكله المتضرر والسعي للإفراج عنه والحصول على حكم مخفف إن كان يعي فعلا خطورة وضعه الصحي. وما لفت الانتباه خلال جلسة المحاكمة المثيرة للجدل هو إصرار كل من المحامين (مقران آيت العربي) و(ميلود براهيمي) على السير في المحاكمة ودخولهما في مناوشات مع باقي زملائهما الذين تبنوا الطرح المعاكس، وذهب آيت العربي إلى الاقتراح على هيئة المحكمة مباشرة المحاكمة وأمر النيابة العامة بإحضار الشهود المتغيبين بالقوة العمومية باعتبار أن المحاكمة ستستمر لأيام وربما لأسابيع، وهو الطرح الذي خرج به القاضي رفاد بعد المداولة القانونية في حدود الساعة السادسة مساء، قبل أن تفاجئنا هيئة الدفاع بإعلان الانسحاب الجماعي، ليحرر القاضي إشهادا بذلك ويقرر بعد الدخول إلى غرفة المداولات للمرة الخامسة في حدود السابعة مساء تأجيل الملف إلى الدورة القادمة. بورايو يتهم.. أكد المحامي خالد بورايو دفاع كل من (شيخ مصطفى)، (رحال محمد شوقي) و(عبد العزيز عبد الوهاب) المتابعين في صفقة ترميم مقر غرمول أن قرار الانسحاب اتخذ بعد مناقشة واسعة بين جميع المحامين وأخذت مصلحة المتهمين بعين الاعتبار في المقام الأول كون إصرار هيئة المحاكمة على الفصل فيها كون لدينا قناعة بأن هناك إرادة سياسية تسير الملف، وهذا الأمر لا يخدم مصالح المتهمين، فهناك من يحاول طيّه، مشيرا إلى أن ظروف المحاكمة لم تكن مهيأة -حسبه-. فقد تم إحضار مترجمة اللغة الإيطالية من أمام مدرسة ابتدائية وتركت أبناءها في السيارة، ومن غير المعقول أن نشرع في المحاكمة في ظل غياب 38 شاهدا ومن سيضمن لهيئة الدفاع أن النيابة ستحضرهم في الأيام المقبلة.