خسارة المرء ل30 دقيقة فقط من ساعات نومه اليومي كافية لإصابته خلال شهورٍ قادمة بأمراضٍ قاتلة كالسكري ومضاعفاته من فقدان البصر والسكتات الدماغية والنوبات القلبية، وتزيد من خطر الإصابة بالبدانة بنسبة 72 بالمائة بحسب آخر الدراسات التي تتفق مع نتائج سابقة وصفت الإنسان بالكائن (المغرور) الذي قد يقتله استهتاره ب(ساعته البيولوجية). كما تتماشى هذه النتائج مع دراسات سابقة كانت قد وجدت أن الأشخاص الذين يعملون ليلاً أو يتطلب عملهم ساعات عمل ليلية، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكري ومضاعفاته، إذ لاحظ الباحثون أن أجسادهم تصبح أكثر مقاومة لمفعول هرمون (الأنسولين)، الذي ينظم نسبة السكر في الدم، وبالتالي ترتفع تدريجياً معدلات السكر في دمائهم ويصابون بالسكري (النوع الثاني). وكان باحثون من كبرى الجامعات في العالم - أوكسفورد وكامبريدج وهارفرد - قد أطلقوا تحذيرات في شهر ماي 2014 بشأن أنظمة العمل الحالية، ووصفوا الإنسان ب(الجنس المتعجرف والمغرور)، طالما أنه يظن أن باستطاعته التغلب على (ساعته البيولوجية) رغم أن البشرية والأجناس الأخرى القريبة منه تطورياً قد اعتادت على النوم في ساعات الليل والاستيقاظ خلال النهار طوال ملايين السنين من وجودها، محذرين من أن عدم الانتظام في ساعات النوم يؤثر سلباً على (الساعة البيولوجية) المضبوطة على انتظام 24 ساعة، وهو ما يؤدي إلى اختلال في إفراز الهرمونات مما يعرض الإنسان لأمراض مختلفة منها السكري. وأثبتت الدراسة الحديثة التي أعلن عن نتائجها خلال اللقاء السنوي ل(جمعية الغدد الصماء) في سان دييغو، أن الأشخاص الذين لا يجدون فرصة للنوم الكافي خلال أيام العمل، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالبدانة والسكري حتى وإن عوضوا خسارتهم للنوم خلال عطلة الأسبوع، وحتى وإن لم يتجاوز مقدار خسارتهم لساعات النوم ل30 دقيقة في اليوم، مستندة إلى مراقبة الباحثين ل552 شخص. يُضاف إلى ذلك أن عدد ساعات النوم ليس وحده ما يؤثر في صحة الإنسان، بل توقيت هذا النوم أيضاً، إذ إن انتظام (الساعة البيولوجية) يعتمد على تواتر ضوء الشمس وظلام الليل والتي يقوم الجسد على أثرها بإفراز هرمونات ناظمة خلال أوقات معينة من اليوم، وهو السبب الذي يجعل الأطباء ينصحون مرضاهم بالنوم في غرفٍ مظلمة حتى وإن كان موعد نومهم في الظهيرة، إذ أن الظلام يجعل الجسد يفرز (الميلاتونين)، وهو الهرمون الهام في تنظيم دورة النوم.