مفهوم التقوى في معاني اللغة هي أن تتخذ بينك وبين ما تكره وقاية وحائل يحول بينك وبين ما لا تحب، فالتقوى فضيلة وسلوك والتزام تجاه الله وتجاه مخلوقاته. وبالمثال على ذلك أن تتخذ من الثياب ما يقيك البرد والحر، وتتخذ من الدروع للتجنب بها سهام الأعداء، وتبني الحصون لتتحصن بها من كيدهم. من فعل ذلك فقد اتقى هذه المحاذير، ولكن تقوى الله لا تكون بالحصون، ولا بالسلاح، ولا بالجنود؛ وإنما تكون بطاعته وامتثال لأوامره، واجتناب ما نهى عنه سبحانه. إن تقوى الله هي سفينة النجاة يوم القيامة فإنها التزام وطاعة لله رسوله، وإنها سلوك طريق نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فمن التزم بها كان من أحباب الله وأحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ويقول عليه الصلاة والسلام: (إن أولى الناس بي يوم القيامة المتقون من كانوا وحيث كانوا). ويقول الله عز وجل: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} ويقول تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}. فتقوى الله هي أن تفعل ما أمرك الله سبحانه وتعالى به؛ رجاء ثوابه، وأن تترك معصية الله؛ خوفًا من عقابه. يقول الله تعالى:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}..[الطلاق: 2- 3_]. وقد وعد الله المتقين من عباده بأن يخرجه من أزمات الدنيا حيث ييسر له أمره ويبعد عنه الأذى والضرر، وقد جعل الله علاقة قوية بين التقوى والرزق فمن يتقِ الله في كل شيء أمرهُ به، فيرزقه رزقاً واسعاً من حيث لا يدرى ولايعلم.