راسب في البكالوريا يسرد قصته ل"أخبار اليوم": "رسبت في البكالوريا... ونجحت في مشروع الحياة" كثير من الممتحنين يعلقون آمالا كبيرة على شهادة البكالوريا ويظنون أنها السبيل الوحيد للنجاة، ويلحق الأمر إلى عواقب وخيمة في حال الرسوب أو الإخفاق في الامتحان إلى درجة وضع حد للحياة والانتحار، وبما أن الممتحنين على موعد مع الامتحان يوم غد أردنا نقل هذه القصة حتى نظهر للمتحنين أن الرسوب ليس نهاية العالم وحتى ولو لم ينجح الطالب في البكالوريا فبإمكانه النجاح في مشروع الحياة فكم من متخرج جامعي بطّال وكم من محدود المستوى في (العلالي) فالدنيا أقدار. إلياس شاب جزائري طموح آبى إلا أن يقاسمنا قصة نجاحه في الحياة لتكون عبرة للمقبلين على شهادة البكالوريا ولدفع حالة القنوط عنهم. إلياس يعمل الآن في مكتب للدراسات وهو ناجح بامتياز في عمله، سرد علينا قصته بأمل وتفاؤل كبيرين، كان دخوله للثانوية بمثابة أول خطوة في طريق النجاح، وعلم منذ البداية أنه يجب أن يعمل بجد حتى يتخرج بمستوى يؤهله لتحقيق أمنيته في هذه الحياة، في البداية كانت الأمور صعبة قليلا لأن الثانوية مستواها أعلى بكثير من المتوسطة وكان في شعبة الآداب، فكانت البداية متعثرة قليلا ولكن لما انتقل إلى السنة الثانية تغيرت الأمور بصفة كلية وأصبح من النجباء فزاد هذا من حماسه ورغبته الشديدة في النجاح أكثر فاكثر، ومع الدخول المدرسي في السنة الموالية كان مستعدا على الرغم من أنه كان متعبا قليلا لأنه يعيل نفسه في العطلة الصيفية. بدأت الدراسة وسجل تفوقه منذ أول درس كما قال (أذهلت أستاذة الفلسفة)، قاوم رغبته في أخذ قسط من الراحة، عمل ليل نهارا حفظ المناهج بالتفصيل الممل لأنه وضع نصب عينه النجاح في البكالوريا، ولم يتوان للحظة عن هذا، مع اقتراب الموعد الحاسم كان أمل أساتذته فيه كبيرا بأن يتفوق بتقدير جيد، وجاء ذلك اليوم الذي يكرم فيه المرء أو يهان، قال (أذكر جيدا موضوع اللغة العربية كان للكاتب أحمد أمين، كان في المستوى بالنسبة لي حللت الأسئلة بارتياح ولكني لاحظت الخوف على وجوه أصدقائي فقد كان صعبا بالنسبة لهم، أما موضوع الفلسفة فقد كان رائعا لأني كنت ممتازا في هذه المادة حللت موضوعي بينما كان أصدقائي يعضون أظافرهم ندما لأنهم انتهجوا أسلوب الحفظ لا الفهم، وهنا أرغب بفتح قوس صغير حول هذه النقطة (الفلسفة ليست حفظ للمقالة كما يفعل البعض بل فهم للموضوع وحل مباشر له على حسب ما يقتضيه الأمر). أنهى إلياس الامتحانات وكان مرتاحا لأنه أدى ما كان يتطلبه الأمر ولكنه بقي متوجسا نوعا ما مما يحمله القدر، فكما يقال البكالوريا حظ، جاء يوم الإعلان عن النتائج قال بقيت مستيقظا طول الليل دون فائدة شعرت بالإرهاق الشديد وأخذت قسطا من الراحة، ومع بداية الصباح سمعت بعض الزغاريد وصرخات الفرحة فأدركت أنها النتائج وتوجهت مسرعا إلى الكمبيوتر أدخلت رقمي وانفتحت الصفحة، وكم كانت خيبتي أن قرأت كلمة راسب، أغلقتها وأعدت فتحها لأني ظننت أنني أخطأت الرقم من كثرة التسرع ولكني لم أخطىء كنت ضمن الراسبين، أحزنني الأمر كثيرا وكان بمثابة الصدمة بالنسبة لي ولكل عائلتي، أصدقكم القول أني شعرت بخيبة أمل كبيرة ولم أتقبل الوضع وبقيت ليومين لا أكلم أحدا وبعدها خرجت بقرار يمكن اعتباره أهم قرار في حياتي، لم أرغب في الاستسلام، كفكفت دموعي وتوجهت لعملي الصيفي، فكرت طيلة الصيف في الخيارات التي كانت أمامي، درست عددا منها لم تنل إعجابي، بعد ذلك سألت في المعهد التكنولوجي للأشغال العمومية ما هي الخيرات المتاحة لشعبتي اقترحوا علي الرسم التقني، ودرست هذه المادة كانت سنوات رائعة تعرفت فيها على أناس مختلفين حققوا نجاحات باهرة راقني الأمر كثيرا، وتذكرت قوله الله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم بعد تخرجي أدركت أنه لو نجحت في البكالوريا ربما لن تكون لي الفرصة لأصبح مهندسا في الرسم التقني، صحيح أنه كانت لي أحلام مختلفة ولكني سعيد بما أنا عليه. يكمل إلياس حديثه (لي عمل مستقر وأرباح مادية جيدة ونصيحتي للمقبلين على شهادة البكالوريا هي لا تعلقوا كامل آمالكم عليها لأنها في النهاية ليست إلا امتحانا تجرونه وتجربة تمرون بها، والحياة مليئة بالخيرات والمرء لا يعلم أين يراد به الخير بل عليه أن يوقن يقينا أن الحياة قضاء وقدرا. قصص النجاح في الحياة على الرغم من الفشل في البكالوريا كثيرة جدا ولا حصر لها، وهذه ما كانت إلا واحدة منها، ختاما نتمنى النجاح لكل المقبلين على شهادة البكالوريا يوم غد، ونقول إن الرسوب ليس نهاية العالم و(اعتبروا من قصص الناجحين) فالحياة مغامرة.