تعرف مادة الحليب منذ أشهر تذبذبا في التوزيع، او في الإنتاج، ومؤخرا عاد الحليب ليظهر في السوق، ولكن، وكما يدرك المواطنون ذلك جيدا، بذوق يشبه ذوق الماء، بل هو، وعلى حد تعبير احدهم، ماء أضيف إليه قليل من الحليب. الحليب العادي، أو ذلك الذي كنا نشربه قبل أزمة الحليب الأخيرة، لم يكن مركزا، وكثير من العائلات كانت تفضل شراء مسحوق الحليب عوض حليب الأكياس، والذي له فوائد اقل، بما انه ممزوج بكميات كبيرة من الماء، أما هذه المرة فقد فقد الحليب ذوقه تماما، وتفطن كل المواطنين إلى انه ليس حليبا عاديا، او على الأقل، ليس كذلك الذي كان يباع لنا منذ أشهر، وأنّ الذين حضّروه، بالغوا في إضافة كميات كبيرة من الماء، حتى عزف بعض المواطنين عن شرائه نهائيا، وامتنع بعضه عن شربه إلى حين، فيها استبدله آخرون بمسحوق الحليب. لا شكّ أن جميع المواطنين الذين اعتادوا على شراء أكياس الحليب تفطنوا إلى أن ذوقه قد تغيّر، وانه بل شكله كذلك، فقد صرنا نرى ما إن نسكبه في الكأس أن الماء موجود فيه بكميات كبيرة، ويقول لنا إبراهيم، 44 سنة، والذي كان يتحدث إلى بائع المواد الغذائية بالأبيار، كان يسأله مازحا عما إذا كان هذا الحليب الذي يبيعونه يسمى حليبا، او لا بدّ أن نختار له اسما آخر، ويقول لنا إبراهيم عن الأمر: "لا ادري لم يُصرّ الجزائريون على شراء هذا الماء، رغم أننا لا نعاني نقصا في الماء، ولكن في الحليب؟" ويضيف بوعلام بأكثر جديّة قائلا: "لقد قررت ألاّ اشتري تلك الأكياس، وعلينا كلنا مقاطعتها، لأنّ مزجها بالماء بتلك الطريقة يعتبر إهانة للمواطن ومساومة، أي انه يكون علينا أن نشتري، ونلزم بذلك، لأنه ليس لدينا حلّ أخر، وأفضل شخصيا ألاّ اشتري هذا الحليب، وأعوضه بفاكهة او أيّ شيء آخر، يكون أكثر نفعا من ماء ممزوج بالحليب". أمّا سعاد والتي كانت قد اشترت أربعة أكياس فقالت لنا: "لقد قطعوا علينا الحليب، لكي يُجبرونا بعدها على شراء هذا الحليب الشبيه بالماء، ولكن ما باليد حيلة، فمسحوق الحليب باهظ الثمن، ولا نقدر على شرائه، وليس لنا إلا هذا السائل الغريب لكي نشربه، على أمل أن تتحسّن الأحوال مستقبلا، ولكن أدعو هؤلاء المسؤولين إلى أن يتّقوا الله فينا، وأن يبيعونا حليبا عاديا". أمّا آخرون، فقد فضّلوا مسحوق الحليب، رغم أنه لا يقدر على شرائه كلّ المواطنين، تقول لنا فوزية: "الحليب الذي صار يباع لنا ليس بحليب، والناس الذين يشربونه، لا يعلمون أنهم لا يفعلون سوى هدر أموالهم في لا شيء، فإمّا أن ينقطعوا عن شرائها، وإمّا أن يشتروا مسحوق الحليب، كما افعل منذ أن انقطعت أكياس الحليب، ورغم أنها باهظة إلاّ أنها أحسن من لا شيء، وتلك التي توزع في أيامنا هذه لا شيء".