أصبح يسيطر على تفكير العديد منهم الوسواس القهري ينغص عيش الجزائريين من أكثر مظاهر القرن العشرين على سلوكيات البشر هي استفحال وانتشار الأمراض النفسية بطريقة لم يسبق لها مثيل في كل تاريخ البشرية ولأن الجزائر لطالما عانت ولازالت تعاني من عدة مشاكل أمنية واجتماعية وغيرها فقد كان من تبعياتها أن يعاني أفراد الشعب الجزائري من ضغوط نفسية عدة وكنتيجة حتمية لهذه الضغوط يصبح الفرد يعاني من أمراض نفسية وفي مقدمة هذه الأمراض نجد مرض الوسواس القهري بشتى أنواعه والقلق المرضي والفوبيا وغيرها من أمراض ظهر مفهومها وبان بعد القرن العشرين. ياسف آسيا فاطمة كثيرا ما صار يتداول على ألسنة الناس اليوم كلمة الوسواس وفلان موسوس فنعت شخص ما بصفة الوسواس يكون عادة نتيجة للممارسته لأفعال شاذة وغير طبيعية كالتكرار مثلا مما يجعله مميزا عن بقية الأفراد الآخرين ويكون ذلك عادة نتيجة لضغط نفسي يعيشه. مرض الوسواس من وجهة نظر المختصين ينسب علماء الفقه مرض الوسواس للشيطان ولهم في ذالك أدلة عدة من الكتاب والسنة ومما تواتر عن السلف الصالح أن الوسواس من الشيطان فأجمعوا على وجوب محاربة مثل هذه الأفعال بالاستغفار ولابن القيم رحمه الله قول مسهب في هذا الموضوع وبحث مفصل عن أساليب العلاج منه بالدعاء والاستغفار. أما من وجهة نظر علماء النفس فهم يعرفونه بأنه نوع من التفكير الذي يكون في أغلب الأحيان متبوعا بسلوك معين غير معقول وغير مفيد الذي يلازم المريض دائما ويحتل جزءا كبيرا من وعيه وشعوره مع اقتناع المريض بسخافة هذا التفكير وتتجلى بعض مظاهره في تكرار بعض السلوكيات القهرية كتكرار الشيء عدة مرات مثلا ومما يمكن ملاحظته على مريض الوسواس القهري هو أن عقله يبدو وكأنه قد التصق بفكرة معينة أو دافع ما ولا يريد التخلي عنهما فعلى تعبير بعض المرضى بأن الأمر أشبه بدوامة تدور في عقل المريض ولا تريد أن تنتهي. معاناة المرضى والمحيطين بهم ولأن مرض الوسواس يتدخل ويؤثر في حياة المصاب به في كافة أعماله الاعتيادية بدرجة كبيرة جدا قد تصل لدرجة إعاقته عن العمل فإن كافة المحيطين به يعانون من تبعيات مرضه هذا فكما قصت لنا السيدة نشيدة معاناتها مع أخت زوجها المقيمة معها والتي تعاني من وسواس قهري حاد حيث أنها تعيد الكلام كثيرا لدرجة تفقدها صوابها في بعض الأحيان كما أن أخت زوجها المريضة لا تكف أبدا عن غسل يديها لدرجة أنها باتت تعاني من انسلاخ فيهما لإفراطها في الغسل ناهيك عن ما تقوم به من سلوكيات تدفع بالفرد العاقل لحدود الجنون وجراء لكل هذا الضغط باتت السيدة نشيدة تعاني من ارتفاع في ضغط الدم فالحياة مع مريض الوسواس على حد تعبيرها تعتبر جحيما. أما نوفل فقد قص لنا معاناته مع مرض الوسواس وكيف نفر منه الناس بسبب سلوكياته الغريبة فقد كان يعاني من بعض الوساوس منذ الطفولة كوسواس النظافة مثلا ولأن مرضى الوسواس غالبا ما يعجزون عن التصريح بالذي يشعرون به لتحرجهم الشديد من هذا الأمر لذا فأمثال نوفل لا يتابعون مرضهم ولا يبحثون سبيل الشفاء منه وتطور الأمر عنده تدريجيا إلى أن وصل لدرجة لا تطاق مما جعله يعيش في عزلة تامة وهذا ما زاد من ألمه في الواقع وصعب من شفائه والجدير بالذكر هو أن مرضى الوسواس يلجؤؤن للأفعال القهرية تخفيفا للضغط الذي يعانونه جراء هذه الوساوس فهذه الأفعال في الواقع لا تمنح لصاحبها الرضى أو اللذة بل يتم بها التخلص من عدم الارتياح الذي يصاحب الوساوس. أسباب انتشار مرض الوسواس في المجتمع على الرغم من أن أسباب مرض الوسواس لا تزال غير واضحة في أعين الأطباء بين الأسباب العضوية والنفسية إلا أن الرأي الراجح يقر بأن أسباب الوسواس تعود لنفس الفرد المريضة أحيانا وأحيانا أخرى بسبب الضغط النفسي المتزايد على الشخص وذالك لأسباب عدة أهمها تعقيدات الحياة التي بات يعاني منها المجتمع الجزائري كغلاء المعيشة وشح سوق العمل وغيرها من معوقات ساهمت في تعقيد حياة الأفراد بدرجة كبيرة وكذا غياب لغة الحوار والتواصل التي من شأنها تخفيف الضغط الاجتماعي عن الأفراد أيضا نقص الوازع الديني عند الناس وغياب البصيرة عند أغلبهم ساهم في زيادة الضغط على حياتهم هذا دون إهمال العشرية السوداء وما لها من تبعيات والتي لازالت تلاحق الجزائريين وترسم هواجسهم ليبقى الشفاء من مرض الوسواس ليس أمرا مستحيلا ولكنه يتطلب إرادة كبيرة من صاحبه.