ينذر بأزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة *** تراجعت قيمة الدينار الجزائري مجدّدا أمس لتواصل سقوطها التاريخي حيث بلغت قيمة الأورو الواحد 173 دينار في السوق الموازية فيما بلغت قيمة الدولار 149 دينار مسجّلا هو الآخر مستوى قياسيا تراجع ينذر بأزمة خانقة لتأثيره سلبا على القدرة الشرائية للجزائريين لا سيّما بعد أن عرفت أسعار أغلب المواد الاستهلاكية ارتفاعا محسوسا في الأشهر الأخيرة. تزامنا مع احتفال الجزائر أمس بعيد الثورة المجيدة سجّل الدينار الجزائري تدهوّرا تاريخيا أمام عملتي الأورو والدولار وهما العملتان الأساسيتان اللتان تتعامل بهما الجزائر في تجارتها الخارجية. وبلغت قيمة العملة الوطنية في السوق الموازية أمس مستويات غير مسبوقة إذ لم يسبق وأن تمّ استبدال أورو واحد مقابل 173 دينار وقد تراجع الدينار خلال شهر بنسبة 12 بالمائة ونفس التراجع تمّ تسجيله مقارنة بالدولار الذي حطّم رقما قياسيا أيضا باستبداله مقابل 150 دينار. أمّا في السوق الرسمية فقد بلغت قيمة الدينار مقابل الأورو 117 دينار و106 دنانير مقابل دولار واحد وهي أيضا مستويات قياسية مقارنة بالأشهر السابقة. ويحتلّ الدينار الجزائري المراتب المتأخّرة على المستوى العالمي من حيث قيمة العملة في سوق الصرف ما يجعل العملة الوطنية (الأرخص) من بين الدول الجارة بصرف النّظر عن الدول الصناعية المتقدّمة أو العملات العالمية. على الصعيد الإقليمي تواصلت سقطات الدينار الجزائري الذي يعتبر العملة الأقلّ قيمة من بين الدول المغاربية على الرغم من أن الجزائر تعتبر الأغنى من بينها على الصعيد الاقتصادي سواء من حيث الثروات من المواد الطاقوية الخام أو الإمكانيات في مجال الفلاحة والسياحة والقطاعات الأخرى حيث يمثّل 1 دينار تونسي حوالي 53.1995 دينار جزائري حسب الأسعار الرسمية ليوم أمس الأحد بينما يساوي 1 دينار ليبي 77.4706 دينار جزائري على الرغم من تدهوّر الظروف الاقتصادية للبلدين جرّاء تداعيات (الربيع العربي) كما وصل سعر 1 درهم مغربي إلى 10.8385 دينار جزائري والجنيه المصري إلى 13 دينارا. ويحذّر المختصّون تبعا لهذه المعطيات من (تآكل قيمة العملة) بفعل تراجع قوّتها الشرائية للأسباب المرتبطة بالتضخّم وعليه فإن استعمال القيم النقدية الصغيرة على غرار 5 دنانير و10 دنانير إلى غاية 50 دينارا في المعاملات التجارية معرّضة للاختفاء تدريجيا وهي تعتبر ظاهرة نقدية خطيرة تستدعي إيجاد حلول سريعة. وتواصل العُملة التي صدرت سنة 1964 انخفاضها في ظلّ تراجع مداخيل الجزائر جرّاء انخفاض أسعار النفط. فرغم الإجراءات والقرارات التي اتّخذتها الحكومة منذ شهر ديسمبر الماضي بهدف مواجهة نقص المداخيل إلاّ أن ذلك لم يأت إلى غاية الآن بالنتائج المرغوبة ما جعل خبراء اقتصاديين يحذّرون من مغبّة استمرار تدهوّر قيمة الدينار بالنّظر إلى معطيات أسواق البترول العالمية غير المطمئنة من جهة وضعف مستوى آداء المؤسّسات الاقتصادية الوطنية من جهة أخرى وهو ما سيكون له بالغ الأثر على القدرة الشرائية للمواطنين محذّرين من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة بسبب تقاطع كلّ هذه الصدمات. وأمام هذه الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الجزائر منذ حوالي سنة وفي ظلّ تراجع أسعار النفط والتدهوّر المستمرّ لقيمة الدينار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وضعف آداء الاقتصاد الوطني تبقى الحكومة مطالبة بإيجاد آليات كفيلة بإخراج الجزائر من هذه الدوّامة وذلك لا يكون إلاّ بتنويع مصادر تمويل الاقتصاد الوطني وخلق ثروات بديلة للمحروقات مثلما يلحّ غالبية الفاعلين والخبراء الاقتصاديين في بلادنا.