بقلم: ماهر أبو طير* يخرج علينا عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين وليندسي غراهام ويدعوان إلى تشكيل قوة من مئة ألف جندي أجنبي معظمهم من السنة إضافة إلى عدد قليل من الجنود الأمريكيين لقتال تنظيم داعش في سوريا. دعوة ماكين- ليندسي التي أطلقاها من بغداد وهي مركز سياسي شيعي داعم لدمشق الرسمية دعوة خرقاء لأنها تتحرش بذات المعسكر الذي يدعم الأسد وفي معقل من معاقل هذا المعسكر الممتد فالرسالة موجهة أيضا من بغداد إلى موسكو وطهران. هذه دعوة تثبت أن الأمريكان يريدون القتال بدم غيرهم ونحن نرى أن كل الشراكة الأمريكية في الحرب على الإرهاب شراكة جوية فلا ترسل واشنطن أي قوات برية إلى الأرض لأنها تعرف أن الكلفة مرتفعة جدا على مستوى الضحايا. المثير هنا أن الدعوة تتحدث عن احتلال غربي- عربي لمناطق في سوريا ولكن ذات الدعوة لا تخبرك عما سيفعله المعسكر المؤيد لدمشق الرسمية إزاء الدخول البري. منذ احتلال العراق وما يجري في سوريا اليوم قوس من الفوضى الأمريكية وذات واشنطن تتمنع أصلا عن وقف هذه الفوضى بل تريدها لطحن كل المنطقة وذرها في الرماد عبر ما نراه من تطاحن بين كل مكوناتها. رغم أن الاقتراح غير ملزم لأحد لكنه يكشف كيف أن واشنطن تتعامل مع أهل المنطقة باعتبارهم مجرد حطب في الموقد ولعلنا نسأل هنا لماذا سكتت الولاياتالمتحدة كل هذه الفترة حتى يصير الحل إرسال 100 ألف جندي عربي سني للقتال في سوريا نيابة عن الأمريكان وغيرهم ولماذا سكتت حتى وصلت سوريا إلى هذه الحالة التي تستدعي هكذا حلول جراحية صعبة لا يمكن أن يفرضها أحد. ثم إن تحديد مذهب المقاتلين بالسنة تحديد متعمد فالغاية النهائية ليست مقاتلة داعش بل إشعال حرب سنية شيعية في سوريا فوق التي نراها مشتعلة مذهبيا في المنطقة إضافة إلى أن صاحبا الاقتراح يعرفان أن دخول 100 ألف جندي من دول عربية أمر سيؤدي إلى مواجهة عالمية في ظل وجود الروس في سوريا وفي ظل المواجهة بين الروس والأمريكان في سوريا. مثل هذه الاقتراحات يتم إطلاقها دوما وهي لا تمثل الإدارة الأمريكية لكنها أيضا تعبر عما يواجهه تيار الصقور في واشنطن الذين لا يعجبهم تهرب الرئيس الأمريكي من التورط في أي حرب بريا خصوصا مع عامه الأخير الذي يضغط عليه أكثر ليخرج من البيت الأبيض دون أن يجر الولاياتالمتحدة إلى حرب مفتوحة ومكلفة سياسيا وأمنيا. أغلب الظن أن العالم يدفع اليوم كلفة تورطه في صناعة الأزمات في المنطقة وإذا كان هؤلاء لا يجدون لإطفاء الأزمات إلا بأزمات أخرى إلا أن هذه اللعبة سوف تصل نهاية المطاف إلى هاوية صعبة فلا يمكن هنا جدولة المآسي والهروب إلى الأمام بمزيد من الحلول التي تعد في جوهرها أزمات من نوع آخر.