بعد أن صادق عليه مجلس الأمّة أمس كرة قانون المالية في مرمى الرئيس ع. صلاح الدين باتت كرة قانون المالية 2016 في مرمى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي يعدّ (آخر وأهمّ محطة) يصلها القانون المثير للجدل والذي طالبت جهات عديدة الرئيس بوتفليقة بضرورة مراجعته والتخلّي عن بعض الإجراءات (الخطيرة) التي يحملها. يمتلك رئيس الجمهورية بصفته القاضي الأول في البلاد الصلاحيات اللاّزمة للتدخّل في المسألة بالشكل الذي يراه مناسبا سواء بتمرير القانون كما هو أو إدخال تعديلات عليه أو دعوة الجهازين التنفيذي والتشريعي إلى مراجعته بشكل كامل مرّة أخرى وهو الأمر الذي تحوّل إلى مطلب سياسي واجتماعي ترفعه وترافع لصالحه العديد من التشكيلات السياسية والفعاليات الجمعوية التي رأت أنه يشكل خطرا حقيقيا على استقرار البلاد و(قوت العباد). مجلس الأمّة يصادق على قانون المالية 2016 صادق أعضاء مجلس الأمّة أمس الأربعاء بالأغلبية على نصّ قانون المالية 2016 خلال جلسة علنية ترأسها عبد القادر بن صالح رئيس المجلس. وحدّد قانون المالية لسنة 2016 -الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني في 30 نوفمبر الفارط- السعر المرجعي لبرميل النفط ب 37 دولارا وسعر الصرف ب 98 دج للدولار الواحد. ويتوقّع القانون نموا خارج المحروقات بنسبة 6ر4 بالمائة وتضخّما متحكّما فيه عند نسبة 4 بالمائة ورصيدا إجماليا للخزينة بعجز يقدّر ب 2.452 مليار دج في حين يتوقّع احتياطات لصندوق ضبط الإيرادات بقيمة 1.797 مليار دج في نهاية 2016. كما يتوقّع ارتفاع حجم الواردات إلى 7ر54 مليار دولار وتراجع صادرات المحروقات إلى 4ر26 مليار دولار. وعلى الصعيد الميزانياتي فإن الحكومة تتوقّع لسنة 2016 نفقات ميزانية ب 1ر7.984 مليار دج منها 3ر4.807 مليار دج لنفقات التسيير و8ر3.176 مليار دج لنفقات التجهيز أي بانخفاض 9 بالمائة مقارنة بسنة 2015. وبالنّسبة لايرادات الميزانية فقد حدّدها قانون المالية 2016 عند 43ر4.747 مليار دج 88ر3.064 مليار دج منها من الإيرادات العادية و55ر1.682 مليار دج من الجباية النفطية. ويمثّل هذا المستوى من الإيرادات تراجعا ب 3ر4 بالمائة مقارنة بقانون المالية التكميلي 2015 (4.953 مليار دج) وارتفاعا ب 3ر1 بالمائة مقارنة مع قانون المالية الأول لسنة 2015 (6ر4.684 مليار دج). ويتوقّع القانون الذي يرتكز على تقديرات (حذرة) لإيرادات الدولة إجراءات جديدة وتعديلات على بعض التدابير الموجودة ويقترح بالخصوص رفع قسيمة السيّارات والرسم على القيمة المضافة للديازال وكذا على استهلاك الغاز الطبيعي والكهرباء عند تجاوز حد معيّن. هل تعرّض رئيس لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني لضغوط؟ نفى رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني محجوب بدة أمس الأربعاء أن تكون اللّجنة قد تعرّضت لأيّ ضغط لتمرير بعض المواد في قانون المالية لسنة 2016. وأوضح السيّد بدة خلال منتدى يومية (المجاهد) أن اللّجنة (لو كانت واقعة تحت تأثير ضغوطات لما تمكّنت من إلغاء بعض المواد في مشروع القانون على غرار المادة 53 المتعلّقة بالتنازل عن العقار لصالح المستثمرين في القطاع السياحي) وأضاف أن وزير المالية عبد الرحمن بن خالفة ما كان ليقوم باستدراك خلال الجلسة العلنية للمجلس ليعرض صيغة معدلة للمادة 66 المتعلّقة بفتح رأسمال المؤسّسات الاقتصادية العمومية إزاء المساهمة الوطنية المقيمة لو كان هذا الطرح صحيحا واعتبر دوافع النوّاب الذين طالبوا بإلغاء هذه المادة بالسياسية قائلا: (هؤلاء النوّاب طالبوا بإلغاء هذه المادة لغرض سياسي وليس اقتصادي هناك خلفيات سياسية وراء البلبلة التي أحدثتها هذه المادة). واستدلّ السيّد بدة بكون هذه المادة كانت موجودة في قانون المالية التكميلي لسنة 2009 (المادة 62) دون أن تحدث أيّ جدل من طرف نفس النوّاب المعارضين لها اليوم حسبه. وجدّد رئيس لجنة المالية بالمجلس التأكيد على أن هذه المادة لا تشمل المؤسّسات الاستراتيجية على غرار سونلغاز وسوناطراك معتبرا أن (الوقت قد حان لإعطاء الخواص فرصة لتطوير بعض المؤسّسات العمومية التي لم تعرف تطوّرا منذ سنوات) خصوصا في الوضعية المالية الحالية للجزائر التي لا تسمح لها بضخّ المزيد من الأموال في هذه المؤسّسات. وبعد أن عرّج على فحوى مختلف المواد التي جاء بها القانون اعتبر السيّد بدة أن مضمون هذا القانون لا يحوي ما يفسّر كلّ الجدل الذي أثاره ووصف هذا النص بالقانون (المعتدل الذي جاء في ظروف اقتصادية صعبة). ويرى النائب أن الزيادات في أسعار الوقود والكهرباء التي تضمّنها (ليست بالكبيرة) ولن تؤثّر على القدرة الشرائية للمواطن معتبرا أن المشكل لا يكمن في الزيادات وإنما في سياسة الدعم التي يجب أن تكون موجّهة. ومن جهة أخرى دعا السيّد بدة إلى إحداث (ثورة) في النظام المعلوماتي للإدارة الجزائرية في جميع الميادين لا سيّما في سلطة الضبط للبريد والاتّصالات والجمارك الجزائرية وبنك الجزائر لإعطاء معلومات أكثر دقّة تسمح بوضع تقييمات صحيحة.