فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا هذه أهمية الاستغفار في حياة المسلم من رحمة الله تعالى بعباده أن يسر لهم عبادة جليلة وطاعة عظيمة سهلة ويسيرة يُطيقها كلُّ أحد ويمكن أن تؤدى في كل وقت من ليل أو نهار وهذه العبادة هي ديدنه عليه الصلاة والسلام في كل أحيانه فكان يواظب عليها ويداوم على فعلها فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)(رواه البخاري) وهي داخلة في ذكر الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)الأحزاب:41. فنتوقف اليوم مع هذه العبادة وهي عبادة الاستغفار وهي دواء الذنوب النافع (فإنَّ اللَّهَ لم يضَعْ داءً إلَّا وضعَ لَهُ شفاءً)(كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الألباني). ودواءنا اليوم هو الاستغفار. فالاستغفار ذِكْرٌ لله تعالى واعتراف للمنعم بالتقصير ودعاء بالمغفرة والاستغفار دواء ناجع وعلاج نافع فهو يقشع الهموم ويزيل الغموم. الاستغفار دواء للذنوب: فقد خلقنا الله تعالى لعبادته وطاعته والشيطان عدو للإنسان يشغله عن عبادة ربه ويغويه لارتكاب الذنوب والمعاصي فما المخرج والملجأ من غواية الشيطان إلا بالاستغفار فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلا أَدُلُّكُم عَلى دَائِكُمْ وَدَوَائِكُمْ أَلا إِنَّ دَاءكُمُ الْذُّنُوب وَدَوَاءُكُم الاسْتِغْفَار) (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب). قال الربيع بن خثيم مرة لأصحابه: ما الداء؟ وما الدواء؟ وما الشفاء؟ قال: (الداء الذنوب والدواء الاستغفار والشفاء أن تتوب فلا تعود) (الزهد لإمام أحمد). معنى الاستغفار في اللغة: الاستغفار مصدر من استغفر من مادة غفر التي تدل على الستر ومن أسماء الله تعالى الغفور والغفار وغافر الذنب: الغفار هو الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد أخرى والغفور بمعنى الغفار. ومعنى الاستغفار في الاصطلاح: الاستغفار من طلب الغفران والغفران تغطية الذنب وستره بالعفو عنه. أستغفر أي أطلب منك يارب تغطية الذنوب وسترها. والاستغفار فيه أمان من العذاب قال تعالى:(وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الأنفال :33. وقد كثر ذكر الاستغفار في القرآن الكريم فتارة يؤمر به كما في قوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المزمل:2 وتارة يمدح أهله ويعتبره من صفات المتقين كقوله تعالى: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) آل عمران:17 وتارة يذكر الله عز وجل أنه يغفر لمن استغفره كقوله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) النساء/110. وكثيرًا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلب والجوارح. وحكم الاستغفار كحكم الدعاء إن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه لاسيما إذا خرج من قلب منكسر بالذنوب أو صادف ساعة إجابة. إن المداومة على الاستغفار له تأثير عجيب بإذن الله تعالى في دفعِ الكروب ومحوِ الذنوب ونيلِ المطلوب وإخراجِ الغل من القلوب وتفريجِ الهموم وإزالةِ الغموم وشفاءِ الأسقام وذهابِ الآلام وحلولِ البركة والقناعةِ بالرزق والعاقبةِ الحميدة وصلاحِ النفس والأهلِ والذرية وإنزالِ الغيث وكثرةِ المال والولد وكسبِ الحسنات وغيرِ ذلك من الفوائد وسوف نتحدث لاحقا عن ثمرات الاستغفار. المداومة على الاستغفار: ومن أفضل الاستغفار أن يقول العبد: (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه). وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قاله: (غفر له وإن كان فر من الزحف)رواه الترمذي وصححه الألباني. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة يقول: (رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم) (رواه أبو داود وصححه الألباني). وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لَيُغَانُ على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة) رواه مسلم.