الشيخ أبو إسماعيل خليفة الحمد لله الهادي إلى الصواب والصلاة والسلام على من أوتي الحكمة وفصل الخطاب.. وبعد: فإن الزوجة وأم الزوج أو الكَنّة أو الحماة أو العمّة أو الخالة بأيّ الأسماء يحب البعض أن يسميها قضية اجتماعية مهمة وعديدة هي الأقوال والقصص الرمزية التي تمثل علاقة الحماة والكنة.. وللأسف.. وكأن هناك عداوة أزلية بينهما يحاول كل جيل أن ينقلها إلى الجيل الآخر وكأنها تراث.. عداوة ضخمتها قصص الأقارب والصديقات.. وتغرسها بعض الأفلام والمسلسلات.. (حتى قيل: لو تآلفت الحماة والكنة إبليس يدخل الجنة). صحيح المعادلة صعبة فرضا الزوج وطاعته قد لا تحصل إلا بالتقرب من أمه وهناك بعض المشاحنات قد تقع بين الكنة والحماة ولكنها يجب أن لا تصل إلى درجة العداوة وذلك لا يكون إلا إذا تعاملنا معها بحسن خلق وتقوى من الله.. ومن هنا يُطرح هذا السؤال: هل يوجب الزوج على زوجته أن تخدم أمه؟ أقول وبالله التوفيق: إن من أهم أسباب استقامة الحياة الزوجية ودوام المعروف وحسن العشرة بين الزوجين هو: أن يشعر الزوج زوجته أنها شريكة له فهي زوجة كما أنه زوج وعليه أن يتقي الله تعالى ولا يربط علاقته بزوجته بعلاقتها بأهله كأمه أو أبيه.. وليس له أن يلزمها بخدمتهم لأن ذلك خارج عن نطاق الزوجية فإن فعلت ذلك من نفسها فمن باب الذوق والبر والإحسان والتودّد للزوج وهو عنوان فضلها.. لأن كثيرا من العلماء يرون أنه لا حق للزوج على زوجته في هذه الأمور إلا أن تقوم بها مختارة دون إلزام ...ولآخرين أقوال مفصلة لا داعي لذكرها... فالمسألةُ تعود لآداب التعامل مع الآخرين بالمُلاطَفة التي تُستمال بها القلوبُ وبالحكمة التي تُسْتَدامُ بها المودَّةُ وتُحْسَمُ بها دواعي المنازَعات الأُسرية.. لكني أقول لكل زوجة تخدم حماتها أو حماها: أبشري أختاه فهذا باب فتحه الله عز وجل لك للجنة إذا أخلصت النية لله.. فحسن تبعّل المرأة لزوجها من موجبات ذلك واعلمي أيتها الزوجة أن الأيام ستدور والسنوات ستمر وستكوين في مكانها ففي الأمثال الشعبية مثل: (لا بدّ يا كنّة تصيري حماه). وأقول لكل زوج: عليك ألا ترضِي أحد الطرفين على حساب الآخر واحرص ما أمكن على كسب رضا أمك وبرها فهي أحد أبواب الجنة. وعليك أيضاً أن ترضي زوجتك فهي أيضا لها حقوق عليك وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله..). وتذكرا معا: أنه ليس في الحياة سعادة تفوق سعادة الإنسان في بيته ولا شقاء يعدل شقاءه مع أهله فمن كان في بيته سعيداً عاش مع الناس سعيداً.. فما كان في مصلحة الزوج فهو في مصلحة الزوجة وما كان في مصلحة الزوجة فهو في مصلحة الزوج ومن بعدهما مصلحة الأُسرة والأقارب والمُجتمع فتعاوُنهما تبادُلٌ للمصالح بينهما ولا مانع أن يختلفا في تقدير المصلحة ورُجحان رأي على آخر عن تشاوُر منهما وتراض ... فليس في البيت مُنتصرٌ ولا مهزوم بل النصرُ للجميع والهزيمةُ على الجميع. هذا والله يعين المبتلي.. أسأله سبحانه بمَنِّه وكرمه أسأل الله أن يؤلف بين قلوب الحموات والكناين ويحببهن ببعضهن البعض وأن ينزع من قلوبهن البغض والحقد.. وأن يُؤَلِّفَ بين قلوب الأزواج وأن يجمع الكل على الطاعة واجتماع الكلمة وأن يُلْهِمَهم الكياسة والحكمة ويرزقهم المحبة والرحمة إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جديرٌ وأستغفر الله وأتوب إليه..