معاني أسماء الله الحسنى الرقيب جلَّ جلاله مراقبة الله تعالى لخلقه مراقبة عن استعلاء وفوقية وقدرة وصمدية لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ولا تسقط ورقة إلا بعلمه ملك له الملك كله وله الحمد كله وإليه يُرجع الأمر كله .. تصريف الأمور كلها بيديه ومصدرها منه ومردها إليه سبحانه مستو على عرشه لا تخفى عليه خافية عالمٌ بما في نفوس عباده مطلع على السر والعلانية يسمع ويرى ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب ويكرم ويهين ويخلق ويرزق ويميت ويحيي ويقدر ويقضي ويدبر أمور مملكته فمراقبته لخلقه مراقبة حفظ دائمة وهيمنة كاملة وعلم وإحاطة .. ورود الاسم في القرآن الكريم ورد اسم الله الرقيب في القرآن ثلاث مرات: في قوله تعالى {.. وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ} [المائدة: 117] وقوله تبارك وتعالى {.. إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] وقوله {.. وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء رَقِيبًا} [الأحزاب: 52]. معنى الاسم في حق الله تعالى الرقيب سبحانه هو المطلع على خلقه يعلم كل صغيرة وكبيرة في ملكه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَة إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَة إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ } [المجادلة:7] وقال الله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف:80]. فبما ينبض قلبك؟ هل ينبض ب(لا إله إلا الله)أم قد زاغ مع سبل الشيطان؟! والله سبحانه رقيب راصد لأعمال العباد وكسبهم عليم بالخواطر التي تدب في قلوبهم يرى كل حركة أو سكنة في أبدانهم ووكل ملائكته بكتابة أعمالهم وإحصاء حسناتهم وسيئاتهم قال تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10 12] فالملائكة تسجل أفعال الجنان والأبدان وقال تعالى عن تسجيلهم لقول القلب وقول اللسان: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْل إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 16 18] وهو من فوقهم رقيبٌ عليهم وعلى تدوينهم ورقيبٌ أيضًا على أفعال الإنسان قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْن وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآن وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَل إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } [يونس:61]. قال الحليمي: (الرقيب: هو الذي لا يغفل عما خلق فيلحقه نقصٌ أو يدخل خلل من قِبَلِ غفلته عنه) [المنهاج (1:206)]. قال ابن الحصار (الرقيب: المراعي أحوال المرقوب الحافظ له جملة وتفصيلاً المحصي لجميع أحواله) [الكتاب الأسنى (375 ب)] وقال الزجاج (الرقيب: هو الحافظ الذي لا يغيب عمَّا يحفظه) [تفسير الأسماء (51)]. قال السعدي (الرقيب: المطلع على ما أكنته الصدور القائم على كل نفس بما كسبت الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير) [تيسير الكريم الرحمن (1:947)] يقول ابن القيم في النونية: وَهْوَ الرَّقِيبُ عَلَى الخَوَاطِرِ واللَّوَا ... حِظِ كَيْفَ بالأَفْعَالِ بالأَرْكَانِ حظ المؤمن من اسم الله الرقيب أولاً: مراقبة الله تعالى في سره وعلانيته .. ما معنى المراقبة؟ يقول ابن القيم (المراقبة: دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق على ظاهره وباطنه) [مدارج السالكين (2:65)] .. فكلما هَفَت نفسه إلى المعصية عَلِمَ علم اليقين أن الله البصير مُطلعٌ على خفايا نفسه وعلى سره وجهره .. فلا يكن الله تعالى أهون الناظرين إليه. فإذا تيَّقن العبد من نظر الله تعالى إليه تتولد لديه مراقبة لله في جميع أحواله مما يجعله يرتقي درجة عظيمة من درجات الإيمان ألا وهي درجة الإحسان. فأول المراقبة:: علم القلب بقرب الربِّ .. قال الحارث المحاسبي: (أوائل المراقبة: علم القلب بقرب الرب والمراقبة في نفسها التي تورث صاحبها وتكمل له الاسم ويستحق أن يسمي مراقبًا: دوام علم القلب بعلم الله في سكونك وحركتك علمًا لازمًا للقلب بصفاء اليقين) [القصد الرجوع إلى الله (105)].